آخـــر ما حـــرر

في سوريا الجولاني يقاسم الفقراء لقمة العيش



رأي المحرر

من أين يتلقاها الشعب السوري الجريح؟. من عصابة الجولاني أم من عصابة السيء حسن؟.

متى أدرك أصحاب القضية السورية أن كلتا العصابتين هما في خندق واحد فإن المسافة تصبح قصيرة في معالجة هؤلاء الأعداء الألداء للسوريين وقضيتهم العادلة.

ونجزم بالقول: إن عصابة الجولاني هي خط الدفاع الأول عن مشروع «ولاية الفقيه» متمثلاً بخط الهجوم الأول «حزب الله» الطائفي الإرهابي.

لقد مارست عصابة الجولاني كل ما يريد نظام الأسد الإرهابي ممارسته ضد الشعب السوري الحر. كما مارست ميليشيا «حزب الله» في لبنان كل ما أراد نظام الأسد الطائفي ممارسته.

وفي هذين الخبرين تبدو الصورة جليَّة لعدوانية «هيئة تحرير الشام» و«حزب الله» على الشعب السوري:

حيث تُصر «ميليشيا الجولاني» التي تُسيطر على محافظة إدلب وريفها على محاربة السوريين في لقمة عيشهم وفي أرزاقهم، حتى تلك التي باتوا يبحثون عنها في التراب أو على أغصان الشجر، وآخر ما تفتقت عنه أذهانهم مُقاسمة جامعي ما تبقّى من زيتون أصحاب الأراضي، وهو العمل الذي يُعرف بالتعفير.

وتداول نشطاء في مدينة إدلب صورةً لوصل صادر عمّا يُعرف بـ (الهيئة العامة للزكاة) التابعة لميليشيا الجولاني، ويُفيد هذا الوصل باقتطاع حوالي ثلاثة كيلوغرامات ونصف من (تعفير) أحد السوريين في قرية حاس، وذلك بحجة وجود فتوى تبيح لهم أخذ نسبة من «الزيت المعفر».



وقال النشطاء إنّ الوصل يخصُّ ستّة أشخاصٍ مهجرين من ريف إدلب الجنوبي قاموا بتجميع محصولهم الذي أمضوا أياماً وأسابيع لجنيه بعد جهد كبير، لتأتي الهيئة العامة للزكاة وتقوم باقتطاع حوالي ثلاثة كيلوغرامات ونصف من أصل المحصول وهو 69 كيلوغراماً، وذلك بحجة وجود فتوى تبيح لهم أخذ نسبة من الزيت المعفر بغض النظر عن النصاب.

وقال نشطاء إنّ التعفير هو فعل متعارَف عليه حيث تقوم به عوائل محتاجة وذلك بالتقاط ما تركه أصحاب الأشجار وراءهم سهواً من حبات زيتون قليلة أو غيرها من ثمار، ومتوسط ما يقوم بجمعه المعفر بعد جهد نهارٍ كامل من البحث حوالي خمسة كيلوغرام من حب الزيتون.

وتعيش محافظة إدلب والشمال السوري بشكلٍ عام أوضاعاً مأساوية، بعد الارتفاع الجنوني بأسعار كافة السلع الأساسية، وذلك بعد أن رفعت شركة «وتد» قيمة المحروقات على السوريين شمال سوريا، وقال فريق «مسنقو الاستجابة» في تقريرٍ صادر قبل أيامٍ قليلة: أغلب العائلات في المنطقة بشكل عام ونازحو المخيمات بشكل خاص أصبحوا غير قادرين على تأمين المستلزمات الأساسية وفي مقدمتها مواد التغذية والتدفئة لضمان بقاء واستمرار تلك العائلات على قيد الحياة، في حين ينتظر النازحون في المخيمات أوضاعاً إنسانية بالغة السوء بالتزامن مع بدء الهطولات المطرية في المنطقة.

وعبّر المدنيون في إدلب عن سخطهم لوصول أسعار السلع الأساسية لذلك المستوى الجنوني وخاصة مادة الخبز التي تعد القوت الأساسي للسكان، ونشرت صفحات محلية تسجيلاً مصوراً تحت عنوان «الفقير من وين بدو يعيش» ويظهر أحد المدنيين خلال شرائه ربطة خبز من أحد أفران إدلب، وقد انتابه الغضب لفقد ربطة الخبز نسبة كبيرة من وزنها مقابل غلاء غير منطقي في سعرها.

في لبنان الذي وُصف يوماً بسويسرا الشرق؛ بات انتهاك حقوق الإنسان سياسةً مُمنهجة، وبات القضاء سلعةً لمن يدفع أكثر، وإذا كان الحال هكذا في شوارع لبنان وأزقّتها، فكيف سيكون الحال في معتقلاتها، هناك يودّع السجناء كلّ حقوق الإنسان، ويتحول السجن إلى غابةٍ السلطة بها لمن يمتلك القوّة، وبات دور حكومات لبنان التي تُسيطر عليها ميليشيا حزب الله تنظيم تلك الغابة.

عمر جمول أحد السوريين ممن ابتسم لهم الحظ وتمكّن من الخروج من ذلك الجحيم بعد أربع سنواتٍ قضاها في سجن رومية المركزي بعد ترحيله من سجن الريحانية العسكري التابعة للشرطة العسكرية اللبنانيّة.

سجن الريحانية الذي قضى به جمول أحد عشر شهراً قال عنه المحامي «محمد صبلوح» إنّه عبارة عن غرف ضيقة جداً تحت الأرض لا يستطيع أن يعيش بها أحد، حيث يُحال إلى هذا السجن الموقوفون من ذوي الحظ السيئ، واعتبره بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان مقبرة البشر، وأضاف صبلوح: غرفه منتشرة تحت الأرض وسكانه من الموقوفين لا يتعرضون لأشعة الشمس ويسمح لهم بالتنزه في قاعة مغلقة تحت الأرض نصف ساعة كل أسبوع.

سجن الريحانية الذي جمع الشيخ «أحمد الأسير» وكان في منفردة لوحده، جمع أيضاً الوزير «ميشال سماحة»، وعلى الرّغم من إثبات التهم الموجَّهة بحقه بالصوت والصورة، غير أنّه كان يعيش بغرفة كبيرة لوحده وله معاملة خاصة، يقول جمول: كانت معاملته خاصة من قبل السجانين الذين يقومون على حراسته وآمري السجن، فأكله يأتي من خارج السجن، وأُتيح له التحدث لساعات طويلة على الهاتف.

في هذا السجن سيئ السّمعة وبعد نقله من المنفردة؛ سُجن عمر وبغرفة واحدة مع الداعشي (أبي الهدى ميقاتي)، يقول عمر: عندما يعرفون توجهك يضعونك مع ضدك، وعندما وجدوني لا أؤمن بفكر الميقاتي وأُعاديه ومطلوب رأسي لهم وضعوني مع الميقاتي، وذلك حتى يُصفي أحدنا الآخر، هو متزعم تنظيم داعش، وهو رجل أمي معبأ ومشحون عاطفياً بعد مقتل ابنه بأحداث التبانة.

وعن أسباب اعتقاله يقول جمول: إنّه اعتقل بسبب نشاطه الإغاثي والطبي من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى أنه ينحدر من منطقة القصير السورية المحاذية للحدود اللبنانية، إضافة لنشاطه في متابعة الجرحى السوريين الذين يدخلون الأراضي اللبنانية من مدينة القصير وتوزيعهم على المشافي في لبنان، كما إنّ عمله مع المنظمات الدولية في لبنان كان سبباً أيضاً، وأضاف: سباقي أنا والأجهزة الأمنية وعدم إيجادي بسهولة تحت الاسم المستعار جعلهم يزيدون من إصرارهم على اعتقالي، ناهيك عن متابعتي لعمل المخيمات وسكن العوائل التي كنت مسؤولاً عنها.

أثناء احتلاله للبنان، تمّكن نظام أسد من نقل أساليبه الوحشية في التعذيب إلى السجون اللبنانيّة، لتكون تلك السجون نُسخاً كربونيّة عن نظيراتها التي يُديرها نظام أسد، يقول عمر: لا تختلف الأجهزة الأمنية اللبنانية بطرق التعذيب عن نظام أسد بشيء، وضعوا عصابة مصنوعة من الإطارات على عيني ثمّ وضعوا فوقها كيساً من البلاستك الأسود، وأجبرونا على الوقوف ليلاً ونهاراً، إضافة إلى المنع من النوم، وذلك حتى تنهار مفاصل المعتقل ويبول ويتغوط في ثيابه.

وأضاف عمر: بعدها وضعوني على بساط من الخشب له مفصلات من منتصفه وموزعة على أطرافه أساور جلدية لربط الأيدي والأرجل، وهنا يأتي المحقق ومعه جهاز يوضع في العضو الذكري للموقوف، وعندها يعمل هذا الجهاز بعد وصل الكهرباء، ناهيك عن الضرب بكافة أشكاله، وتوجيه الشتائم على الدين والانتماء، وبعد أصناف التعذيب يُحضرون الملفات بعد تركيبها بالشكل الذي يُريدون، ونُجبر على التوقيع وأيدينا مكبلة، وبالطبع تكون العصابة على العينين، فلا تقرأ ولا ترى على ماذا توقع.

وتابع عمر: بعد كل هذا التعذيب حتى نعترف بما ينسبه لنا ذلك المحقق، فمثلا كان يريد مني أن أعترف بتفجيرات الهرمل الثلاث التي راح ضحيتها عدد من أفراد الجيش اللبناني في الأشهر الأولى من عام ٢٠١٤.

كما في كل مفاصل الدولة، وجد الفساد طريقاً له إلى دوائر القضاء اللبناني، فكلُّ قاضٍ له محامٍ يعرف تسعيرته، وفي قضايا السوريين كانت المحامية «منال عيتاني» هي مفتاح الوصول إلى رئيس المحكمة العسكرية.

ذلك المفتاح كان سبيل السوريين الموجودين في سجن روميّة للخروج، غير أنّ المبالغ كانت بالنسبة للسوريين خيالية، وتصل إلى أكثر من مئة ألف دولار، يقول جمول: عندما تستلم عيتاني ملف الموقوف تخبره بثمن خروجه، وكم سيمكث في السجن، وإذا كان سيخرج مباشرة أم لا، تقوم بمبازرته، فالموقوف يدفع ثمن الحكم الذي يريده وبالطبع الدفع سلف، وأضاف عمر: لعيتاني قصة طويلة مع كل واحد من السوريين في سجن روميّة.



وبالأمس، أُطلق سجناء سوريون ولبنانيون من داخل سجن «رومية» صرخات تطالب بتخفيض سنوات حكم المؤبد إلى 20 سنة، وقال مصدر، فضل عدم ذكر اسمه من داخل سجن رومية لـ موقع زمان الوصل السوري إن العام الحالي شهد إصدار عشرات الأحكام بالمؤبد والإعدام عن المحكمة العسكرية بحق لاجئين سوريين، وشبان لبنانيين حملوا يوماً من الأيام لواء الثورة السورية وقاتلوا نظام الأسد.

وأصدر المرصد اللبناني لحقوق السجناء قبل أسبوع بياناً صحفياً دعا فيه الرأي العام والمؤسسات الإنسانية والحقوقية والإعلامية في لبنان إلى ضرورة الضغط على الأحزاب والكتل البرلمانية لتفعيل قانون تخفيض العقوبات، وتحديد سنوات السجن للمحكومين بالمؤبد والإعدام خصوصاً وأن قانون العفو العام صار يشبه الحلم، وأن الواقع في السجون بات كابوساً حقيقياً لا يعرف أحدٌ من المعنيين متى سينفجر.

ليست هناك تعليقات