آخـــر ما حـــرر

إنشاءِ محكمةٍ دوليّةٍ خاصّة لمحاكمة نظام ‫الأسد



رأي المحرر

من المؤسف القول: إن كثيراً من التجمعات المعارضة لنظام الأسد انخرطت- بطريقة أو بأخرى- بالديبلوماسية المائعة!.. وظهر ذلك بكلمات متداولة من هذه التيارات، كالقول: بأننا لا ينبغي أن نستخدم مفردات كمجرم وإرهابي وقاتل بحق بشار الأسد، لأن ذلك يخرق قواعد اللياقة السياسية ولأن إصدار الأحكام هو من اختصاص المحاكم، وكأن آلاف الشهادات والمشاهدات العينية غير كافية للحكم على الأسد وشبيحته بأنهم مجرمو حرب وإرهابيون لا مكان لهم إلا أقفاص المحاكم العادلة.

وهناك كلمة أخرى جرى تداولها كثيراً، تقول: ما من صراع إلا وانتهى بجلوس الطرفين على طاولة المفاوضات، ووفقاً لهذه القاعدة فقد جعلوا من الجلوس مع وفود نظام الأسد القاتل ووفود نظام ملالي طهران الطائفي، ووفود نظام موسكو الإجرامي أمراً طبيعياً حتى أثناء ارتكاب (ثالوث الشر) هذا أبشع أنواع الجريمة.

كما وجدنا معارضين يتحرجون من الحديث عن فكرة (إسقاط النظام) صراحة مكتفين بالحديث عن وحدة الأراضي السورية، وتحرير سوريا من كل الاحتلالات، وضرورة محاكمة المجرمين، في خطاب لا يختلف كثيراً عما يقوله أطراف مثلث الشر والعدوان.

لقد أخطأ الذين راهنوا على كسب المعركة العسكرية في ظل اختلال موازين القوى بشكل واضح لصالح النظام وحلفائه، مع ما يمتلكه العدو من سلاح فتاك ذبَّاح وحرَّاق. فمن راهن على شيء يجب أن يقبل بنتائجه، بحيث يكتسب الشرعية من حسم الصراع عسكرياً.

كما أخطأ الذين انساقوا خلف الحلول السياسية، التي عادة ما تخضع لتوازنات القوى الدولية، فحين تميل الأمور لصالح دول الشر فهذا يعني خسارة الشعب السوري لكل حقوقه وهدر تضحياته بلا مقابل.

لكن الرهان الحقيقي يجب أن يكون بكسب المعركة الحقوقية التي يخوضها النظام مثقلاً بجرائمه، ويخوضها الشعب السوري بكامل الحق والحقانية.

وفي الخبر

بدعمٍ من منظمّات التّحالف الأميركي لأجل سورية يُطرحُ اليومَ في مجلسِ النوّاب الأميركيّ مشروعُ قرارٍ يدعو إلى إنشاءِ محكمةٍ دوليّةٍ خاصّة لمحاكمة نظام ‫الأسد على جرائم الحربِ والجرائمِ ضدَّ الإنسانيّة التي اقترفها بحقّ الشّعبِ ‫السوري، وذلك عن طريقِ إنشاء آليّةٍ قضائيّةٍ دوليّةٍ مختصّةٍ بسورية عن طريق الجمعيّةِ العموميّةِ للأممِ المتّحدة (لتجاوز حقّ النّقضِ الرّوسيّ المعروف ب "الفيتو").

ويدعو مشروعُ القرار الرّئيسَ الأميركي إلى توجيهِ سفيرةِ الولاياتِ المتّحدة للأمم المتّحدة لاستخدامِ "صوت، وتصويت، ونفوذ الولاياتِ المتّحدة للدعوة الفوريّة لإنشاء آليّة دوليّة لمحاكمةِ مرتكبي جرائمِ الحرب، والجرائم بحقّ الإنسانيّة، وانتهاكاتِ حقوقِ الإنسانِ في سورية".

وينوّهُ مشروعُ القرارِ إلى توافرِ كمّ كبير من المعلومات التي تُثْبِتُ ضلوعَ "حكومة الجمهوريّة العربيّة السّوريّة بقيادة الدكتاتور بشار الأسد" بانتهاكِ عدد كبير من الاتّفاقاتِ والمواثيقِ الدّولية التي وقّعت عليها سورية، ومنها اتّفاقيّات جنيف، منذ عام ٢٠١١ وحتى يومنا هذا، كما ينوّه إلى أنّ إقامة محاكم خاصّة من هذا النّوع عبر الأمم المتّحدة قد جرى بنجاح في حالات مشابهة للحالة السّوريّة كيوغسلافيا، ورواندا، وسيراليون، وبأنّ هناك دروساً مهمّة من هذه التّجارب يَجدرُ الاستفادةُ منها في الحالة السّوريّة.

كما يطلب مشروعُ القرار:

— أن تُعلنَ الولايات المتّحدة دعوتها لذلك رسميّاً.

— وأن تُساعدَ في وضعِ أصولٍ إجرائيّة قضائيّة تُمَكّنُ من إجراءِ محاكماتٍ علنيّةٍ وعادلةٍ للمتّهمين باقترافِ هذه الجرائم.

— وأن تتعاونَ مع هذه المحكمة الخاصّة وتُقدّمَ لها الدّعم والمعلومات.

— وأن تَحُضّ جميعَ الدّولِ الأخرى المعنيّة على إلقاءِ القبضِ على المتّهمين.

وقد جاء في الرّسالة التي أرسلت إلى أعضاء الكونغرس لدعوتهم لتبنّي مشروع القرار هذا بأنّ بعض القوى الإقليميّة قد سَعَت في الأشهر الأخيرة إلى التغاضي عن "الجرائم الوحشيّة" التي ارتكبها "سفّاح سورية بشار الأسد" وإلى ‫تطبيع العلاقات معه والتّرحيب به مجدّداً وكأنّ شيئاً لم يحصل، وبأنّ محاسبة الأسد وزبانيته على جرائمهم أمرٌ ضروريٌ لضمانِ عدمِ تكرارِ هذه الجرائم.

التّحالف الأميركي لأجل سورية

واشنطن

٢٠ حزيران ٢٠٢٣

ليست هناك تعليقات