آخـــر ما حـــرر

رؤية «الهيئة الوطنية السورية» في اللجنة الدستورية:



شُكلت اللجنة الدستورية من ثلاثة قوائم:

أعضاء من المعارضة السورية.

أعضاء من النظام السوري.

أعضاء من المجتمع المدني تم اختيارهم من قبل الأمم المتحدة.

الهيئة الوطنية السورية ترى بأن هذه اللجنة وجدت للالتفاف على القرارات الدولية، وهي في الوقت نفسه يكتنفها مغالطات عديدة:

أولاً- من الناحية الواقعية:

1- في مرحلة الثورات يجري تجميد الدساتير، لا كتابتها، ولا يُتصور من الناحية العملية طرح دستور جديد للبلاد، وهي ترزح تحت القصف، والتدمير، وتعاني من احتلالات، وانتشار قوى ظلامية، وانفصالية تمتلك قوى ضاربة على الأرض، وتنشر الرعب بين صفوف الشعب، الذي يعاني من ويلات التشرد والنزوح والتهجير.

2- النظام لا يحترم أي دستور أو قانون، فهو بالوقت الذي أعلن فيه إلغاء الأحكام العرفية، أرسل سلاحه الجوي، والبري، والبحري ليدمر سورية، وأنشأ محكمة الإرهاب، مع العلم أنه أرسل وفداً للمشاركة في اللجنة الدستورية، وأعلن في الوقت نفسه أن هذا الوفد لا يمثله، وإنما مدعوم من الحكومة السورية، وبالتالي قراراتها غير ملزمة له، وإنّ اشتراك بعض مدعي المعارضة الذين شكلتهم دول خارجية بظروف ملتبسة في اللجنة المسماة دستورية، هو عمل أقل ما يقال عنه بأنه غير مسؤول، ولا ينتج أي أثر سياسي، أو حقوقي يؤدي إلى حل سياسي متوازن.

3- إن الحديث عن إنتاج دستور جديد، أو تعديلات دستورية دون مراعاة آليات إنتاج اللجنة الدستورية (انتخابها وفق شروط خاصة)، وعدم توفر مناخ موضوعي لإنتاج الدستور (أمن، وأمان، واستقرار)، وعدم وجود مؤسسات وطنية قادرة على السهر على ممارسة الديمقراطية بحرية ونزاهة مثل (قضاء - أمن - إعلام - منظمات مجتمع مدني - أحزاب سياسية - قانون انتخاب وطني ...الخ)، مع غياب البيئة الآمنة، وهيمنة النظام، والميليشيات الطائفية، والقوى الانفصالية والظلامية، وتسلطها على الشعب السوري يؤدي لأن يكون صوت الشعب هو الخافت، والصوت العالي للقوى الثلاث التالية: (بشار الأسد وحلفاؤه - أبو محمد الجولاني وإخوته في المنهج - حزب pkk وتفرعاته).

4- أي عملية ديمقراطية يجب أن تسبقها عملية إحصائية، تميّز السوري من الأجنبي، الذي حاز على الجنسية السورية بطريقة احتيالية، أو بالتزوير بعد 15/3/2011.

ثانياً- من الناحية الدستورية:

إن آليات إنتاج الدستور، هي أهم من الدستور نفسه، وعدم مراعاتها، يجعل الناتج غير دستوري، وهنا يجب التفريق بالعملية الدستورية بين أمرين:

- الأول: صياغة دستور جديد، وهذا يتطلب إنتاج جمعية تأسيسية وفق طرق دستورية، سواء لجهة انتخاب أعضائها من الشعب مباشرة، أو لجهة انتخاب جزء منها، والتوافق على تسمية الجزء الآخر، ويراعى في الجزء المسمى الطابع العلمي (سياسي - حقوقي - اقتصادي).

- الثاني: إن دستور 2012 هو من الدساتير المرنة، الذي يجري تعديل مواده بناء على مقترح يقدمه رئيس الجمهورية، أو ثلثا أعضاء مجلس الشعب، ويجري تشكيل لجنة دستورية من أعضاء مجلس الشعب، مهمتها تقديم مقترح إلى مجلس الشعب ليناقشه، ويقرر ما يراه مناسباً.

كل ذلك يتناقض دستورياً مع تشكيل اللجنة المسماة دستورية.

ومن نافلة القول بيان ما يلي:

1- إن المرجعية الفكرية السياسية لبناء الدستور، تقوم على أحد المفاهيم التالية: (الدولة الوطنية، أو الدولة القومية، أو الدولة الدينية)، وهي بهذا المعنى لا تخضع إلى محاصصة بين الموالاة، والمعارضة، والمجتمع الدولي، أو إلى محاصصة بين مكونات الشعب السوري العرقية، والدينية، لأن هكذا محاصصات يمكن مراعاتها في تشكيل هيئة حكم انتقالي.

2- آليات إنتاج الدستور تتطلب بالتوازي مع الدستور إنتاج هيئة رقابة دستورية (محكمة دستورية) مهمتها مراقبة المخالفات الدستورية المرتكبة بحق الدستور وإلغائها.

3- أن آلية التصويت المعتمدة في اللجنة الدستورية (75%) هي نسبة لا يمكن تحقيقها إلا لمصلحة النظام.

ثالثاً- من الناحية القانونية:

إن طرح مسودة دستور جديد للبلاد، يتطلب أيضا إعادة تصويب القوانين الخاصة التي تعرقل الانتقال السياسي، وتكرس الاستبداد، وهي كثيرة جدا يصعب تعدادها في هذا المقام

ملاحظة:

إن تعديل، أو إلغاء القوانين، هو من صلاحية مجلس نواب منتخب، وليس من صلاحية اللجنة الدستورية، لأنها غير مخولة قانوناً بتعديل، أو إلغاء القوانين، وهنا تكمن الكارثة الكبرى التي يتغاضى عنها قصداً فريقا الموالاة والمعارضة.

رابعاً- من الناحية السياسية:

إن مخرجات جنيف1، والقرارات الدولية، ومنها القرارين (2118 - 2254) قد حددت أولوية الحل السياسي في سورية بتشكيل هيئة حكم انتقالي، وليس كتابة دستور جديد، أو القيام بإجراء انتخابات، وبالتالي فإن إعطاء هذه اللجنة الأولوية لكتابة دستور جديد، يشكل التفافاً على مخرجات جنيف1، والقرارات الدولية ذات الصلة.

الهيئة الوطنية السورية ترى أن اللجنة المسماة دستورية تشكل انحرافاً خطيراً في العملية السياسية يؤدي من حيث النتيجة إلى إعادة تأهيل النظام ضمن مسرحية هزيلة، لذا يجب العمل على إسقاطها بكل السبل الممكنة والإعلان بأن الحل السياسي المقرر دولياً يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي، وليس بلجنة دستورية.

ليست هناك تعليقات