آخـــر ما حـــرر

حين تصطدم «الأنا» بالشعب والوطن



بعد أكثر من عشر سنوات من عمر ثورة الكرامة السورية آن الأوان لطي «الأنا» وحب الزعامة والظهور.. والعمل على بلورة ممثلية حقيقية للثورة.. تتبنى أهدافها.. وتصون مبادئها.. وترعى تضحياتها.

يا من شقيت وأشقيت الناس بالبحث عن الزعامة أين ستجدها؟. تحت أنقاض الوطن أم في مخيمات اللجوء والنزوح؟. في سوريا لن تجد من يصرخ هتافاً باسمك المبجل فكل الصراخ قد نفد من حناجر المكلومين وانتهى شحنها.. وأي شهوة تلك التي تشتهيها في بلد غمرته المآسي والمحن؟. لقد باتت فرحتك التي عملت على صنعها معزولة وسط أنات اليتامى وزفرات الثكالى، فلم يعد لأفراحك معنى في عالم الموت والتعذيب حتى الموت.

كم كنت مجنونا يا من انهمكت ببناء أمجادك الشخصية وبلدك ينهار من السقف للقواعد.. كم كنت أنانياً حين كنت تحضر المآتم وتقدم التعازي وأنت سارح في طموحك الأرعن..

ما لذة المنصب وأهلك غارقون في الجوع والخوف والبرد والحر؟. تلك هي متعة الشواذ وشهوة المنحرفين.. لعلك صدقت في لحظة الطيش أن الناس يحبونك وقانعون بشخصك المفكك فمضيت قدما في التنقيب عن المراكز حتى لو كانت على هيئة أشياء مخزية.

ما كان ضرك لو عملت لأجل بلدك وشعبك؟. عندئذ ربما استفاد منك البلد والناس فحصلت على رصيد من الثناء أنت تحتاجه اليوم، وتبحث عنه  فلا تجد إلا الشتيمة والسباب.

كان من الصعب على الوطن المضرج بالدماء والملطخ بالأشلاء أن يتسع لكل تلك «الأنوات» المتعملقة، من المقاس الكبير الذي تضيق به قارات على ضخامتها.. فقد أتاحت لنا الأقدار أن نرى من لا يعجبه إلا كلامه ويرى الآخرين أمامه كائنات مجهرية.

إن الأخطاء الجسيمة لا تأتي إلا من أصحاب الأنا المتضخمة، فأخطاء هؤلاء كارثية بحجم شعب ووطن وهوية ووجود.. وحين يقامرون لا يقامرون إلا على الأشياء النفيسة التي ليست ملكهم، ولا يأسفون حين لا يأتي «ورق الطرنيب» معهم.

كم أسالوا بأخطائهم من دماء بريئة، وكم فرطوا بالفرص حين كانت تلوح للناس، لأن حصتهم منها لا  تشبع نهمهم، فهم باحثون عن الفرص التي تحقق لهم مكاسب جمَّة بصرف النظر عن مصالح الآخرين.

حين يحرص البعض على أن تتمدد «أناه» في كل الاتجاهات فسوف تتصادم مناطق «النفوذ الأناني» فيما بينها، وتنشب «معركة الحجوم»، فالمكان لا يتسع لمن يريد أخذ المكان كله له وحده، ويحرص أن يكون حاضراً في اختصاصه وفي غير تخصصه، مستبعداً «ذرية آدم وحواء» دفعة واحدة.

الشعب السوري في السفينة العملاقة، وحجرة القيادة متنازع عليها، ولا يصلها إلا القاصرون، وهناك البعض ممن لم يأخذوا فرصتهم في القيادة فراحوا ينقبون السفينة من أسفلها..

بعد أن أنجز الشعب السوري ثورته وهز أركان حكم بشار الأسد ودفع الثمن غالياً وهُجِّر من بلداته، تفاجأ حين رأى آلاف «البشاشير» أمامه مما عقَّد من مهمَّته حيث بات ملزماً بإسقاط ألف بشار كل يوم.

لكنني أبشر الشعب السوري بأن مآلات الأمور ستكون في صالحه، قريباً جداً بإذن الله، وسينهزم كل أعدائه، فالدوائر تدور على الباغين، فتحيلهم أثراً بعد عين.

ناصرابوالمجد 24/7/2021     

      

ليست هناك تعليقات