الحبل الأمريكي يلتف على عنقي بوتين والأسد معاً
قراءة «محرر شبكة حقيقة»
لا شك أن الطريقة التي أدارت بها أمريكا الصراع السوري كلَّفت الشعب
السوري مزيداً من الضحايا.. وتحديداً سياسة الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما».
تلك السياسة التي اختارت من سوريا بيئة ملائمة لتصفية حسابات متعددة..
مع روسيا وإيران وتنظيمات القاعدة وغيرها.. فأمريكا رأت أن كثيرا من الأطراف
الدولية والإسلامية متوهجة للدخول في سوريا.. فلماذا لا ندعهم يدخلون ونقفل خلفهم
أبواب سوريا يتقاتلون فيما بينهم مع عدم السماح لطرف أن يخرج منتصراً بالمطلق
وربما مهزوما بالمطلق؟. يقول الأمريكان.
يبدو أن أمريكا وضعت معايير محددة لتقدير عمر الصراع في سوريا!.. ألا
وهي: ♦ تناقص حاد بأعداد المقاتلين.♦ وانهيار مدمِّر لاقتصادات الثلاثي القاتل «روسيا-ايران-النظام».
المعيار الأول تحقق جزء معيَّن منه، فقتل الكثير من الشباب القادرين
على حمل السلاح بمن فيهم العناصر العابرة للحدود.. لكن عشر سنوات كانت كافية
لانتقال الأطفال إلى مرحلة الشباب الذين يكبرون ويكبر معهم الحقد على كل شيء في
هذا الوجود.
فالتفت الأمريكان إلى المعيار الثاني وهو تدمير اقتصادات الآخرين
لإرغامهم على الرضوخ للرؤية الأمريكية للحل في سوريا.. عبر سلسلة من العقوبات
الذكية المتدحرجة والتي لا ترحم.
لا شك أن معظم السوريين يتمنون لو أن «الولايات المتحدة الأمريكية»
تكف عن «بياخاتها» وتوجه ضربة قاصمة للنظام القاتل في دمشق!.. بدلاً من ذلك التدرج
المزعج للضحايا السوريين.. لكن أمريكا حسمت أمورها منذ بداية الطريق بنهج قائم على
عدة أفكار أهمها:
1. ليس المطلوب من أمريكا
أن تفعل وحدها كل شيء.
2. أمريكا لن تقوم بدور «شرطي
العالم».
3. لا حل عسكري في
سوريا.. والحل سياسي.
4. ما هو أولوية لدى
البعض لا يشترط أن يكون أولوية أمريكية.
5. أمريكا لن تغير
الحكومات من الخارج.
6.
الحرب الباردة بالأدوات الناعمة كفيلة بإضعاف الخصم دون ردود أفعال
مقلقة.
أحرجت الولايات المتحدة الأمريكية بشار
الأسد ووضعته في عزلة كاملة، كما وضعت روسيا على مفترق طرق وفي وضع لا تحسد عليه.
وما زالت الولايات المتحدة الأمريكية
تضيق الخناق على بشار ونظامه من خلال فرض عقـوبات جديدة على المسؤولين العسـكريين
والأمنيين والاقتصاديين.
عزل نظام الأسد
وتسعى الولايات المتحدة- بحسب الكثير
من الخبراء من خلال عقـوباتها- إلى تعميق عزلة نظام الأسد بشكل أكبر. ومن
خلال تلك العقـوبات تضع أمريكا القيادات الروسية في موقف لا يحسدون عليه وأمام
مفترق طرق.
وأحد أبرز الخيارات كانت بدء
الاستعدادات لعقد مؤتمر حول اللاجئين في دمشق الشهر المقبل، إضافة إلى إعادة تشكيل
الفريق الروسي في وزارة الخارجية المكلف بمعالجة الملف السوري.
وتتزامن هذه التطورات في العالم مع
انتظار وتشوق كبير لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، فكل العالم يحبس
أنفاسه بانتظار زعيم جديد أو زعيم أعيد انتخابه لتولي مقاليد البيت الأبيض.
قيادة موسكو متناقضة
وأوضحت القيادات الروسية لأوروبا بأن
هناك أربعة عوامل عمقت الأزمة الاقتصادية السورية تتمثل بتسع سنوات من الحـرب ووبـاء
كـورونا الجديد والأزمـة الاقتصادية في لبنان والعقـوبات الغربية.
إلا أن واشنطن وأوروبا تجاهلتا انتقـادات
روسيا ومضتا قدماً في مزيد من الإجراءات العقـابية ضد نظام الأسد.
وبموجب قيصر، فرضت الولايات المتحدة،
منذ أيام، عقـوبات على محافظ البنك المركزي السوري و16 مسؤولاً من الجيش والأمن
وقطاع الأعمال.
كما أنه من المنتظر أن يكشف الاتحاد
الأوروبي خلال أيام عن عقـوبات جديدة ضد أعضاء حكومة الأسد الجديدة.
قانون قيصر
ويستهدف قانون قيصر الأفراد المتـورطين
في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.. وشملت
عقوبات قيصر حتى اللحظة 75 شخصية وكياناً من عصابة الحكم الأسدية والمرتبطين بها،
وعلى رأسهم بشار الأسد وأسماء وشقيقه ماهر ونجله حافظ.
وأكدت إدارة ترامب في مرات عديدة أن عقوباتها
جدية وتسعى لإخضاع الأسد وحرمانه من تدفق أموال عربية وأوروبية.. فالعقوبات
الأمريكية والتي تزداد يوماً بعد يوم تثبت أنه ليست كذلك، لأن الأزمة الاقتصادية
لن تؤدي إلا إلى تفاقم الضغط.
حرمان وضغط
وبهذه الإجراءات يحرم نظام الأسد من
تطبيع علاقاته مع الدول العربية أو أوروبا، وسيبقى النظام معزولاً ما لم يقدم
تنازلات إستراتيجية.
وأهم ما تريده الدول الأوربية من نظام
الأسد هو إنهاء دعمه للإرهاب وإيقاف جرائمه وحث إيران على سحب قواتها من سوريا.. إلى
جانب إلى محاسبة المتورطين في الحرب وإزالة ترسانته من الأسلحة الكيماوية، والسماح
للاجئين بالعودة الطوعية إلى ديارهم وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
بدورها، تناقض موسكو نفسها بنفسها، فمن
جهة تدعي أن العقوبات الأمريكية لن تؤثر على قرارات دمشق، ومن جهة أخرى تقول إن
العقوبات الأمريكية تقضي على حكومة الأسد
واقتصاده.
فشل السياسة الروسية
وتشدد واشنطن على أن السياسة العسـكرية
الروسية فاشلة وبات الحل السياسي في سوريا ضرورياً وفق القرار 2254. ويرى
محللون بأن روسيا بقيت في وضع لا تحسد عليه وأمام مفترق طرق لخياراتها في سوريا.
ويؤكد المراقبون الأوروبيون أن إدارة
بوتين باتت على يقين بأن الإستراتيجية العسـكرية لن تنجح لكنها لم تتوصل بعد إلى
بديل.
من جانب آخر، تقوم روسيا بدعوة الاتحاد
الأوروبي والأمم المتحدة ووكالاتهما وممثلي الدول المجاورة إلى مؤتمر حول اللاجئين
السوريين.
ويهدف المؤتمر الروسي إلى إعادة حوالي
5.6 مليون نازح في الدول المجاورة إلى ديارهم إلا أن إدارة ترامب طلبت من عدة دول
عدم الحضور.
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يخطط لمؤتمر اللاجئين الخاص به في الربيع المقبل.
ليست هناك تعليقات