لافتات كفرنبل.. رؤية متكاملة


                                          

مثَّلت لافتات بلدة «كفرنبل» الثائرة رؤية واضحة متكاملة في الثورة السورية، عبَّرت عن مكنونات الشعب الثائر، وضميره الغاضب، فجاءت هذه الرؤية مكتوبة على قماش أو كرتون أو غيرها من الخامات الغريبة، متحدِّثة في السياسة والفكر والثورة، وهموم الناس، بأسلوب شائق يميل غالباً إلى السخرية.
♥عن ثورة الكرامة تحدث «الكفرنبليون» طويلاً ، عن أهدافها وطريقها ووسائلها وعقباتها، لكنَّهم كانوا مذهلين حقيقة عندما وجهوا إلى إسقاط الديكتاتور من النفوس أولاً ثم العمل على إسقاطه في الواقع، حيث ارتفعت إحدى اللافتات مكتوباً عليها «العلّة فينا- في الأسد القابع فينا»، كما لفتوا إلى أن هدف الثورة الأساسي هو تغيير منظومة القيم الطاغوتية التي استبدت في المجتمع السوري.
لكن أحرار «كفرنبل» كانوا أكثر وضوحاً عندما رسموا لنظام الأسد هذه المعادلة: «برصاصك أرسلت أطفالنا إلى الجنة... وبأحذيتنا سنركلك إلى جهنم»، فهم لا يبالون بما يحصل لهم، فالخاسر الوحيد هو قاتل الطفولة.
وتحدثوا عن الأولويات الواجب العمل عليها، في إشارة إلى ضرورة تأجيل اللهاث وراء السلطة والمال فكتبوا: «أيها السوريون! اضبطوا الأولويات وتذكروا.. لا جاه ولا مال... والغاية إسقاط النظام».
كما تحدث ناشطوا «كفرنبل» عن ثوابت الثورة ومحدداتها التي لا تتأثر بالملتقيات السياسية التي لا تقيم وزناً كبيراً للضحايا والدمار فكتبوا: «الثورة فينا طاقة مستدامة.. ما همنا جنيف ولا وعودها الهدامة... ولا يرضينا إلا أن يشهد العالم الأسد في يوم إعدامه»، كما تحدثوا عن أهمية علم الثورة ورمزيَّته المعتبرة «علم الثورة ليس مهاناً ولا ذليلاً... علم الثورة التفت به معظم جثامين شهدائنا... علم الثورة سيبقى مرفوعاً».
♥لافتات «كفر نبل» لم تكن عادية ولا تقليدية عندما تحدثت في السياسة، فابتداء طالبوا بالتدخل الخارجي ضد جرائم النظام، بعد اليقين بأن القاتل لا يرده خلق ولا يردعه ضمير عن الإمعان في استهداف الطفل قبل الرجل، وعبَّروا عن ذلك بطريقة ساخرة فكتبوا: «أشو آخرتها... علينا الطلاق  بدنا تدخل خارجي»، كما كتبوا: «نطالب بتدخل خارجي سافر»، وفي السياسة أيضا حرصت لافتات «كفر نبل» على تحديد العدو المباشر مشيرين بكثافة إلى العدو الإيراني حين كتبوا: «تكالب علينا أحفاد كسرى وأمعنوا في سفك دمائنا»، وانتقدوا الموقف الدولي بطريقة ساخرة أيضاً فرفعوا لافتة مكتوباً عليها: «القلق الدولي... وصرمايتنا سوا».
♥لكن أهم ما كتبه أحرار «كفرنبل» هو تأكيدهم على أن الثورة السورية هي ثورة الوطن بأسره وليست ثورة طائفة بعينها: «أنا درزي وعلوي سني وكردي.. سمعولي ومسيحي.. يهودي وآشوري.. أنا الثائر السوري وأفخر».
لقد تجاوز «الكفرنبليون» حقبة الذل والهوان وحكم الفرد والعائلة والحزب، ورفضوا الالتفات إلى الخلف على طريقة «أم كلثوم» حين غنت وغنت معها اللافتات «وعايزنا نرجع زي زمان!.. قول للزمان ارجع يا زمان»، صدق من قال: إن لافتات «كفرنبل» زينت الثورة السورية بمضامينها الرائعة التي تصلح أن تكون وديعة تاريخية تؤكد أن حقيقة الثورة السورية هي مشروع كرامة وتحرير ونهضة وبناء.
الكاتب الإعلامي: عبد الناصر ابو المجد.

ليست هناك تعليقات