آخـــر ما حـــرر

سوريا ليست للبيع



                                                       
قامت الثورة السورية من أجل تحرير الوطن من احتلال دام لأكثر من أربعة عقود، حيث مثّل حكام سورية في عهدي الأسد الأب والأسد الابن أبشع أنواع الاحتلال، وعندما رأوا أنهم غير قادرين على الاحتفاظ  بالوطن السليب في قبضتهم وتحت سطوتهم راحوا يعرضونه للبيع قطعة قطعة، فتحولت معركة التحرير من تحرير سوريا من الاستعمار الأسدي إلى تحريرها من الاستعمارين الخارجيين إيران وروسيا.
الشعب السوري الثائر يقول للأسد: بمقدورك أن توقّع ما تشاء من العقود، كي تبيع ما تشاء من أجزاء الوطن، لكنك لا تستطيع أن تقبض الثمن، لأنك- ببساطة شديدة- مجرم حرب ستحاكمك يوما ما محاكم الشعب السوري العظيم.
وبمقدورك أن توقع ما يشاء من عقود الخيانة والإذعان، لكنك لا تستطيع أن تتصرف بخماسية الوطن: الأرض والعرض والشعب والهوية والتاريخ. 
فلا بد أن تنتصر إرادة الشعب الثائر العظيم على إرادة العدو الجائر اللئيم، مهما طال الزمن واشتدت سطوة الطغيان، فإرادة الشعب مستمدة من الهوية والتاريخ، ومن طموح بالحرية لا حدود له، ومن الحق الذي لا يمكن التنازل عنه، أما إرادة العدو فهي مستمدة من هبوط القيم والأخلاق ومن قوانين الظلم والاستبداد، والظلم مرتعه وخيم.
سيكتب أحرار سورية على جدار الزمان، بأوضح لغة وبيان، أجمل قصيدة بعنوان: «سوريا للسوريين» باستثناء الأوغاد المعتدين، الذين تعتذر سورية عن انتسابهم لها، وولادتهم على ترابها الطاهر.
ولا يحق لأحد- كائناً من كان- أن يوزع سوريا كحصص هنا وهناك، لأن سورية- باختصار- ليست معروضة للبيع، بل وأكثر من ذلك فقد كتب الشرفاء على جدار الوطن «ممنوع اللمس».
سورية ملك عام، وغير مسموح لأحد أن يدعي ملكيتها لنفسه، ولا لأبيه وأمه، ولا لطائفته وحزبه، ولا تقبل القسمة على أي عدد لأنها- ببساطة- «عدد أولي» لا ينقسم إلا على أهله، ليبقى الناتج وطناً واحداً.
إن سورية موطن الآباء والأجداد، وستبقى موطناً للأبناء والأحفاد،  ولن يقبل الأحرار- بحال من الأحوال- أن يعرضها لصوص العصر للمزاد العلني، وستبقى لأهلها حتى النهاية.
سورية لكل السوريين، وهي الحضن الدافىء لكل المواطنين، لكنهم أبوا إلا أن يعتبروها غنيمة لهم، وليس لغيرهم أي حق فيها، فعاث فيها المفسدون خراباً ودماراً عندما أحسّوا بأنها ذاهبة إلى أهلها الشرعيين.
وبعد أن تخضّب تراب سورية بدماء أبنائها الأبرار ازداد أحرارها حبّاً لها وتمسّكاً بها، حتى لا تذهب إلى الأشرار، فلا أمان للوطن إلا حين تحرسه أعين الأبرار، وتدافع عنه سواعد الأخيار.
نعم سورية ليست للبيع ولا للتصدير! وليست حقل تجارب ولا ملعباً للمراهقين، ولا يدرك قيمة سورية إلا الحكماء الراشدون، فمن لا يعرف «قيمة الصقر» فسوف يجعله شواءً ليطعمه.
لم يتمسك قراصنة العصر بالسلطة إلا لعلمهم بأهمية سورية، ولم يدمروها إلا لحرمان أصحابها منها، دمروها لأنهم يعلمون أن سورية- عندما تعود لأهلها- فسوف يزدان العالم بروعتها، دمروها لأنهم لا يريدون أن يبصر العالم ذلك الفارق المهول بين أن تكون سورية بيد الأمناء، أو أن تكون بيد اللصوص الخائنين.
لا تستطيع طائفة ولا حزب ولا قبيلة ولا دولة ادعاء ملكية أي ركن من أركان، فالوطن ملك لكل أبنائه، والعبث فيه يكلف العابثين تبعات كبيرة وأعباء كثيرة.
سورية ملك لأهلها لا لأعدائها، وهي ملك للذين يعمرونها، وليست ملكاً للذين يدمرونها، سورية موطن الأحرار لا موطن الأشرار، ومن أجلها يخوض الشعب السوري معركة التحرير والبناء، بعنفوان البركان وغضب الزلزال حتى النهاية، مهما تكن التضحيات، ومهما بلغت الأثمان.
الكاتب والباحث السياسي: عبد الناصر الحسين.

ليست هناك تعليقات