المعارضة السورية التي تصدرت المشهد لم تكن إفرازا شعبيا
في ظل التحديات الجسام في الداخل والخارج احتاجت الثورة إلى معارضة
سياسية تمثلها ، وتتبنى أهدافها ، وتواكب مسيرتها ، وتجاري تضحياتها ، وتطرح
قضيتها في المحافل الدولية ، لكن وبكل أسف يمكن القول : إن المعارضة التي تصدرت
المشهد لم تكن إفرازا شعبيا بل أتت على مبدأ أن ( الأحقية لمن سبق لا
لمن صدق ) ولم تكن المعارضة على مستوى تطلعات الشعب السوري ، بـل كانـت دون المؤمـل ، وأصبحـت محل انتقاد
من الجميع ، وبدت هزيلة القوى ، ممزقة
الأركان ، مع أنه ما من حال أدعى للتوحد من الحال التي نحن فيها ، وما من محنة أشد
من تلك التي نعانيها
كثيرا ما سمعنا المعارضة تبرر ضعف أدائها
السياسي بحالة التصحر الفكري والسياسي السائدة في عهد حكم الأسدين وهذا عذر
العاجزين لأن هناك حدا أدنى من ممارسة السياسة لم يفعلوه وهذا الحد يتمثل في ♣الترحيب بأي دعم مهما قلت قيمته ،
والتنديد بكل عدوان مهما كان نوعه ♣ والتعامل مع محور الأعداء بخشونة سياسية في المقابل التعامل مع محور الأصدقاء بلغة
دبلوماسية لطيفة ♣ العمل على تضييق جبهة الأعداء إلى حدها الأدنى وفي المقابل
العمل على كسب الأصدقاء بكل السبل المتاحة ♣ وحين يصر محور الأعداء على عدوانهم
ويوغلون في إجرامهم فلا بد من إعلان هؤلاء كيانات معادية وقطع كافة اشكال العلاقات
معهم , وفي المقابل وكنتيجة حتمية يجب عقد
تحالفات مفيدة وصفقات مشرفة مع محور الأصدقاء ♣ علينا أن نعلم أن لكل دعم في
السياسة ثمنا وأن نقارن الأثمان ثم نختار أقلها كلفة ♣ إن من شأن هكذا سياسة ،
أن تشجع الداعمين على مزيد من الدعم ، وأن تقلل من خطر المعادين ، وأن تعزل العدو
دوليا ، ويدفع الثمن السياسي لمواقفه ، ويضيق هامش المناورة عليه ، كما أن هذه
السياسة كفيلة بتعزيز حالة الاستقطاب السياسي ، بين أصدقاء الشعب السوري وأعدائه .
من سوء طالع الثورة السورية
أن نخبها الفكرية هي التي أسهمت في حماية النظام وهذه النخب تفوح منها رائحة البعث
فهي تتحدث بلغة مشابهة لتلك التي مللناها مدة عقود من الزمن لغة المزايدة
والمجابهة , بل وتسلك السلوكيات ذاتها من إقصاء وتهميش ومحسوبيات , وقد أنتجت
الديكتاتورية المعمرة أحزابا تعايشت مع النظام فاقتبست منه وتشبهت به في حالة تشبه
الاستنساخ , وهذا ما جعل المعارضة والنخب في الثورة السورية على مختلف أشكاها تبدو
متأثرة بتوجهات حزبية وفكرية تخدم إيران
وروسيا من بعيد أو قريب .
ليست هناك تعليقات