لأنها خير الثورات عملوا على شيطنتها




 

أطوار مختلفة مرت بها ثورة التاريخ والكرامة السورية. ولكل مرحلة سماتها المميزة وطابعها الخاص بها. ولئن كانت المرحلة الأولى هي من صناعة وإنتاج الشعب السوري فإن المراحل المتأخرة هي من صنع الآخرين. وتتمثل المراحل التي مرت بها الثورة  بالسلمية أولا ثم بالعسكرة، ثم جاءت مرحلة أسلمة الثورة، ثم أرهبتها، ثم تدعيشها، وصولا إلى مرحلة التدويل.

يعلم جميع المراقبين والمهتمين بالحدث السوري أن ثورة الشعب السوري كانت ثورة سلمية في أصل انطلاقتها. عبَّر فيها الشعب السوري عن مخبوءاته من إنكار لواقع الظلم والعبودية، ولواقع التخلف والظلامية، في كرنفالات احتفالية تزينت بها الساحات والأزقة والأحياء والحارات.

أبدى الشعب السوري رغبة غير مسبوقة في الاحتجاج، فكان يصر على الخروج من المساجد والمدارس والجامعات، على الرغم من قسوة قمع النظام للمظاهرات السلمية. حيث استعمل النظام كل الأساليب الوحشية، ولم يميز بين صغير وكبير أو ذكر وأنثى.

لا يروق لنظام الأسد ذلك الاحتجاج السلمي المتحضر والراقي.. ولا يتحمل صيحات الاحتجاج المطالبة برحيله والمنددة بحكمه المستبد وفساده المستحكم, كما لا يستطيع أن يتحمل كيل الاتهامات الدولية له التي تزايدت من كل مكان.

خطط النظام القاتل في سورية لعملية توريط الثورة في حمل السلاح.. ونقلها من مرحلة السلمية إلى مرحلة العسكرة، ليسهل عليه خلط الأوراق في سورية المغلقة عن أي إعلام عالمي وإقليمي, وليسهل عليه وصف الحالة السورية بالحرب الأهلية، واتهام قوى الثورة بتنفيذ مؤامرة خارجية، تسعى لإقامة إمارات إسلامية.

أظهرت طلائع الجيش الحر من الشباب الذين حملوا السلاح دفاعاً عن المظاهرات السلمية رباطة جأش.. فلم يرتكبوا أي محظور شائن يسيء لسمعة الثورة، فعمل النظام على جر الثورة إلى مرحلة «الأسلمة» كي يلغي عنها طابعها الوطني.

اتخذ نظام الأسد إجراءات عديدة ليلبس الثورة السورية لبوساً إسلامياً متشدداً، حيث شدد قبضته الأمنية على المدارس والجامعات ليقتصر خروج المظاهرات على المساجد فقط, وفي حالة هزلية مكشوفة شدد النظام الرقابة على بيع وشراء القماش الأخضر اللون والطلاء الأخضر حتى لا تتزين أرجاء سورية بالعلم الذي اعتمدته «الثورة» كعلم شرعي للثورة.

لقد انتقلت الثورة السورية إلى مرحلة التدويل من بوابة تنظيم داعش.. فقد أصبحت تلك الظاهرة مبرراً لتدخل كثير من القوى العالمية. لكن الأمور تطورت وتعقدت عندما نقل التنظيم عملياته إلى خارج حدود سورية بتوجيهات من المجموعة الايرانية مستهدفاً دولاً محسوبة على أصدقاء سورية، ليشكل التنظيم بذلك خطراً على الأمن العالمي، ثم يحدث بعد ذلك شكل من أشكال التنسيق بين المحورين المختلفين لا سيما عندما قدم الأعداء الإرهابيون أنفسهم كشركاء في الحرب على الإرهاب.

تعقدت الأمور كثيراً في المشهد السوري بعد أن نقل تنظيم داعش وبرعاية ايرانية وروسية عملياته الإرهابية إلى مناطق تعلن دعمها للشعب السوري، فتداخلت الأهداف، وتشابكت التحالفات، وتبعثرت مصالح القوى العالمية في جغرافيا سورية الضيقة التي لا تتسع لكل هذا التزاحم والتدافع. لتدخل الثورة السورية في مرحلة من «العزلة الدولية» وانخفاض مستوى الدعم لها، وجعله محصوراً فقط في هدف الخلاص من داعش، ليستفيد النظام كثيراً من هذه المرحلة، فلم ينقطع الدعم عنه للحظة واحدة، بل ازداد بوتيرة متصاعدة، وليستمر بعدها في تدمير سورية وحرق أهلها بالتعاون مع قوى الشر الإيرانية وقوى العدوان الروسية.

ناصرابوالمجد

ليست هناك تعليقات