آخـــر ما حـــرر

حقائق حول الائتلاف وصعوبة إعادة الشرعية له



د موسى الزعبي: ( كلنا شركاء)

استطاعت الثورة السورية بدماء شهدائها والمظاهرات السلمية انتزاع قرار دولي 2118 أو جنيف 1 بتشكيل «هيئة حكم انتقالية» أو ما عرف ببنود «كوفي عنان» الستة وسبق ذلك طرد النظام من الجامعة العربية وكذلك تجميد ممثله بمجلس الأمن وأيضا طرد سفراء النظام من أغلب الدول العربية وسحب السفراء من دمشق واتهام النظام أنه إرهابي وفاقد للشرعية من قبل أمريكا أقوى دولة بالعالم.. وجميع ذلك كان قبل تشكيل الائتلاف نهاية سنة 2012 م الذي اعترف به قرابة مئة وعشرين دولة. وبسبب طبيعة الأشخاص المكونين للائتلاف وفسادهم السياسي والمالي وعدم بلورة رؤية واضحة لسوريا سبب ذلك تغير بالمزاج الدولي حول إعادة النظام للمسرح الدولي. وكان لا بد من إعادته من خلال المعارضة الرسمية أي الائتلاف وذلك لنزع صفة الإرهاب عنه وإعادة شرعيته من خلال المفاوضات المباشرة معه أو ما يسمى جنيف 2  وكانت موافقة الائتلاف على هذه الخطوة بمثابة الخنجر بظهر الثورة سياسيا وذلك منتصف سنة 2013 م ورغم معرفة هؤلاء بخطورة هذه الخطوة وانسحاب نصف الائتلاف إلا أن هؤلاء رجعوا مجددا حيث تم تهديدهم باستبدالهم بأعضاء آخرين فرجع هؤلاء بدل الثبات على موقفهم وتوضيح خطورة ذلك للشارع الثوري!.

وكانوا لاحقا أول الراكضين للجلوس مع النظام بجنيف2 ورغم إهانة الجعفري لهم خلال الجلسة لم يتجرأ أحد للرد عليه حينها وكانت هذه الجولة مطلع سنة 2014 حيث حقق العالم مبتغاه وكذلك النظام والدول الداعمة له بإعادة شرعيته ونزع صفة الإرهاب عنه ونزع صفة الثورة عن الثورة وذلك بجلوس معارضة ونظام على طاولة واحدة واكتفى النظام وداعموه بهذه الجولة السياسية وانتقلوا لاستعادة الأرض من خلال إيقاف الجبهات رغم استمرار النظام القصف والتهجير وتم تجاهل ونسيان المفاوضات حتى مطلع سنة 2016 وبدء جولة جنيف 3 التي كانت الخطوة القاتلة الأخرى للثورة وذلك بالطلب من قرابة 165 فصيل بعمل هدنة من جانب واحد بحجة البدء بالحل السياسي وكان باكورة المفاوضات سقوط داريا بعد صمود أربع سنوات وتبعه سقوط وتسليم باقي المناطق خلال جولات جنيف التي ترأسها أشخاص الائتلاف بهيئة التفاوض الثانية دون أن يعلق هؤلاء جلسات المفاوضات احتجاجا على المجازر بل قام هؤلاء بزيارة موسكو بينما كانت الطائرات الروسية تدك المدن والمدنيين بالأسلحة المحرمة الدولية وهذه يعتبر بالعرف السياسي شرعنة لذلك ففي الحروب لا يحق لأحد بزيارة عاصمة من يقتل ويقصف رغم جواز اللقاءات الدبلوماسية معه ولكن خارج أرضه بل اعتبر هؤلاء روسيا ضامنة ورفضوا إصدار بيان يدين روسيا رسميا طوال هيئة التفاوض الثانية بل دائما اعتبروها ضامنة وخلال هذه الفترة تم تسليم كل المحرر وعلى الجميع مراجعة بيانات هيئة التفاوض الثانية المسيطر عليها من الائتلاف  لمعرفة الحقائق .

وتبع ذلك إدخال منصات موسكو والقاهرة لهيئة التفاوض دون الموافقة على بيان الرياض1 الذي ينص على مرحلة انتقالية بدون رأس النظام وكان ذلك من قبل الائتلاف المهيمن على الهيئة الثانية للمفاوضات.

الموافقة على سلال ديمستورا الأربعة بالبدء باللجنة الدستورية والذي نسف وفرغ بيان جنيف 1 والقرار 2254 من محتواهم وأهمها هيئة حكم انتقالية والإفراج عن المعتقلين وبيئة آمنة

فوافق هؤلاء على تشكيل اللجنة الدستورية استجابة لمؤتمر سوتشي كي يحافظوا على مناصبهم

وقد بدأ هؤلاء جولات المفاوضات قبل تحقيق شروط التفاوض وهو البند12-13 من القرار والذي ينص على إطلاق سراح جميع المعتقلين وفك الحصار عن المدن فقد انطلقت جولات جنيف 4-5 وما بعدها بينما كانت الغوطة وحمص وبقية المناطق تخضع لحصار مما جعل النظام يتمادى بالحصار وتجويع الأهالي عندما وجد هؤلاء دون رادع قانوني أو أخلاقي بدل أن يعلقوا المفاوضات.

والأمر الأهم من ذلك هو نقل ملف المعتقلين لمسار أستانة وتسليم هذا الملف لخريجة أدب عربي لا خبرة لها بالقانون  واستبعاد جهابذة القانون الدولي كي يتم تفريغ الملف وإضعافه وهو الذي يشكل السيف على رقبة النظام مما ساعد النظام بتبريد هذا الملف .

عدم تمييز الائتلاف بين مفاوضات وحل سياسي حيث كانت وظيفة الائتلاف هو مطالبة المجتمع الدولي بتطبيق جنيف1 ببنوده الستة بإيقاف القصف وسحب الجيش وخروج المظاهرات ثم تبدأ المفاوضات بشقها الفني مع النظام لاختيار أشخاص يمثلون هيئة الحكم الانتقالية بعد استبعاد عائلة الأسد ولكن هؤلاء فاوضوا النظام على تطبيق جنيف1 وليس الأمور الفنية مما يدل على عدم أي أهلية سياسية وعقلية وأخلاقية عندهم.

أفشل الائتلاف تشكيل حكومة ذات مصداقية دولية وذلك من خلال منعها من تشكيل وزارة خارجية ووزارة إعلام ووزارة دفاع كي يبقى هؤلاء متصدرين أمام الجهات الدولية مما أفقد الثورة أي شرعية لتشكيل سفارات وجوازات السوريين من حكومة معترف فيها دوليا.

نتيجة سياسة الائتلاف منذ تأسيسه تم إعادة الشرعية تدريجيا للنظام وتجميد الاعتراف الدولي بالائتلاف وأصبح مجرد منصة تخص البلد المضيف وساعد سلوكه على تشكيل عدة منصات وهيئات أصبحت بديلة عن الائتلاف الذي نفذ دوره بتفريغ الثورة من قوتها على الأرض.

الفشل بالتعامل مع الملف الكوردي نتيجة فساد هؤلاء مما جعل الإخوة الأكراد يسلكون طريقا آخر بالإدارة الذاتية

شارك الائتلاف بما عرف الجوازات المزورة ورفض إعادة الأموال  للناس  وكذلك فساد ملف الحج ورفض الائتلاف عمل حساب بنكي يكشف عن أرصدته بهذا الملف أيضا.

والأخطر من كل ما سبق تستر قيادة الائتلاف وتورط أعضائه بالدليل القاطع  بإرسال سوريين للقتال في ليبيا وأذربيجان لصالح أجندات دولية مما شوه الثورة السورية وأفرغ الساحة الثورية لصالح النظام وايران بدل إرسالهم لجبهات النظام وايران وهذا الفعل لن يغفر له الشعب السوري.

والأنكى من ذلك أن المتورطين بذلك يستغبون البعض كالنعامة ويحاولون إعادة إنتاج أنفسهم بدعوات فارغة لا تنطلي إلا على أمثالهم.

وبناء على ذلك فهناك خطوات مهمة يجب عملها من قبل من يريد إعادة نفخ الروح بهذا الجسم الميت سريريا فربما يعاد تفعيله من خلال عدة أمور:

1.     عمل مراجعة سياسية ومالية للائتلاف واستبعاد ومحاسبة كل من كان متورطا بالملفات التي سبق ذكرها أعلاه.

2.     أن يقدم جميع أعضائه كشف حساب بأموالهم الثابتة والمنقولة بالخارج قبل وبعد تعينهم بالائتلاف ورد تلك الأموال لدعم المهجرين.

3.     تشكيل لجنة تحضيرية من 15 عضو من مختلف الشخصيات والتيارات الوطنية المثبت نزاهتها تعمل على عمل مؤتمر عام وطني يعيد هيكلة الائتلاف وفق آلية انتخابية واضحة.

4.     وضع آلية رقابية  واضحة وآلية للتداول على الائتلاف كل سنتين حيث أفشل أعضاء الائتلاف السابقين أي مشروع بذلك كي يبقوا بمناصبهم الأمر الذي لم يفعله النظام نفسه حيث يغير أعضاء مجلسه كل اربع سنوات.

5.     إعلان دستوري للثورة وفق إطار دستور الخمسين يكون مرتكز للقرارات والقوانين التي يقرها الجسم الجديد ويوقف العبث بلعبة الدستور التي تمر على دماء السوريين وتهجيرهم. ويرحل تشكيل دستور للبلاد لبعد هيئة الحكم الانتقالية.

6.     أي شخص وجسم يشارك الائتلاف بشكله الحالي يعتبر شريكا للائتلاف بكل أعماله السابقة ضد الثورة وعليه أن يتحمل مسؤولية ذلك مستقبلا.

وإذا كان البعض يريد إبقاء كل شيء على حاله والإقرار بفساد وفشل البعض ومشاركته لإعطاء شرعية وهمية لا تخدع الأطفال، أليس هؤلاء يقولون للشعب أن شاركوا النظام أو أبقوا عليه أفضل لأن البديل هو نفس عقليته بل هو أسوأ منه.

فأين نحن من ثورة الحرية والعدالة والكرامة؟.

ليست هناك تعليقات