هل بات الائتلاف الوطني من الماضي؟.
تداول ناشطون سوريون خبر «إغلاق مكاتب الائتلاف الوطني» المعارض في تركيا، خبر يلفُّه الغموض، وتحيط به الشكوك.
ابتداء الخبر صحيح أكدته جهات من الائتلاف
نفسه حين قامت بنفي بيان مكتوب باسم الائتلاف وختمه، مؤكدة صحة مضمونه وهو الأهم.
والملاحظ أن خبر الإغلاق لا يثير اهتماماً
لدى الأوساط الشعبية، والإعلامية، لأن الشعب السوري لم يشعر بوجود الائتلاف
وبالتالي لن يشعر أو (لن يتأسف) على رحيله إن رحل.
كما أن المعارضة محرجة من نشر حيثيات الخبر
تجنُّباً لشماتة القوى الثورية التي طالما وجهت سهام نقدها لأداء الائتلاف، مشيرة
إلى ضعفه أحياناً، وإلى خيانته أحياناً أخرى.
وهذا يعيدنا إلى الهلع الذي أصاب شخصيات
معارضة من الائتلاف عندما نظمت «قطر» مؤتمراً ضمَّ شخصيات معارضة معظمها يدور في
الفلك التقليدي السائد، يترأسه الدكتور رياض حجاب، ذلك الهلع كشفته مصادر تحدثت عن
شكوى لأعضاء في الائتلاف موالين جداً لتركيا قدموها للمخابرات التركية، يتذمرون
فيها من إمكانية سحب «حجاب» البساط من تحت أقدامهم والعمل على إطلاق مبادرة تشكيل
جسم بديل للائتلاف، وضغطت تركيا باتجاه إفشال ذلك المؤتمر وتقليصه إلى صيغة «ندوة
فكرية» وذلك عن طريق عملائها.
تركيا لا ترحب برياض حجاب على خلفية تشدد
الرجل تجاه روسيا وترفض بشدة بروز شخصية (وبالتالي كيان) مناوئ للحليف الروسي،
الأمر الذي يعطل الخطط التركية الرامية لإنشاء «كونتون سني» في الشمال السوري يتبع
إلى تركيا بالكليَّة.
هذا الأمر دعا
«قطر» لتقليص حصتها المالية للائتلاف، ليقع الأخير بأزمة مالية خانقة وربما وقعت
الخلافات بين بعض أعضائه وهذا الأمر لم يتم التأكد منه.
وللمفارقة أننا رصدنا ولأول مرة نشاطاً
ملحوظاً للائتلاف، فقد كثف من نشر البيانات وإبراز مواقف متقدمة من التطورات
السياسية، في محاولة لإنقاذ نفسه من الهبوط، دون جدوى.
ومع اقتحام أحداث أكرانيا للمشهد الدولي
ارتفعت أصوات من المعارضة تطالب العالم الغربي بدعم الثورة السورية بالسلاح المضاد
للطيران والآخر المضاد للدروع، متوعدين بحسم المعركة مع نظام الأسد، ليرد عليهم
ناشطو الحراك الثوري بالقول: إنكم تبحثون عن مصدر بديل للمال فلم تجدوا سوى «تجارة
السلاح» كما فعلتم في السابق، وخاصة أن سيرورة الأحداث أثبتت أنكم غير معنيين
بسقوط النظام.
هنا علينا استحضار التصريحات الأخيرة لرئيس
وزراء قطر السابق «حمد بن جاسم» عندما كشف أن النظام السوري اخترق المعارضة، مما
تسبب بخسارة المعركة.
في ظل إحكام تركيا قبضتها على قرار الثورة
السورية لا يمكننا تجاهل الأصوات التي دعت الائتلاف إلى نقل مقراته من تركيا إلى
دولة أجنبية لتحرير قراره وإطلاق العنان له، لكن تلك الدعوات لم تلق أي استجابة من
المعارضة المهتمة بالراتب والجنسية التركية.
تلك كانت إحاطة موجزة بالظروف الذاتية لإغلاق
مكاتب الائتلاف، وهناك ظروف خارجية تتعلق بالسياسة التركية وتحديداً «حزب العدالة
والتنمية» الذي يستعد لخوض انتخابات حاسمة، يتقرر فيها مصير الحرب على الأقل
للمرحلة المقبلة.
إذا طويت صفحة الائتلاف فليس مأسوفاً عليه،
مع أن هناك كيانات وتجمعات تطرح نفسها كبديل شرعي للائتلاف لكن أياً منها لم يكن
مقنعا، فالكثيرون يظنون أن الاختبار الحقيقي لصلاحيتهم في قيادة المعارضة لا يكون
إلا بوصولهم إلى منصة الائتلاف، وهذا خطأ جسيم، فمن أراد طرح نفسه كبديل للائتلاف
فما عليه سوى إثبات حضوره في ميادين العمل والبذل في العمل.
ناصرابوالمجد...15/3/22
ليست هناك تعليقات