آخـــر ما حـــرر

طالبان ترفض من تركيا أن تعاملها كما تعامل المعارضة السورية بازدراء



رأي المحرر

يصعب على كل سوري حر خرج من أجل حريته وكرامته أن يتحمل سماع المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد وهو يطالب الحكومة التركية بعدم معاملة طالبان كما تتعامل الحكومة مع «المعارضة السورية»!..

ماذا نستحضر حين نسمع مثل هذا الكلام المحق؟. فقد أثبتت السنوات الأخيرة بأن الأتراك- في حكومة حزب العدالة والتنمية الإخواني- تعاملوا مع قوى الثورة السورية بمنتهى الفوقية والاحتقار.

فلم يعد لقوى الثورة قرار حتى في حماية أهلهم السوريين حين يقصفهم طيران المحتل الروسي والنظام الطائفي. وحين يضيقون على الثوار في الرواتب ليرغموهم على القتال في أذربيجان وليبيا وأفغانستان واليمن.

وحين سلطت تركيا عصابة الجولاني على الشعب السوري وهي عصابة مرتبطة بنظام الأسد الإرهابي فلم يتركوا شكلا من أشكال الاستبداد والإذلال إلا ومارسوه ضد السوريين، ليبقى شعب سورية الثائر واقعا تحت الضغط والإكراه.

وحين أدخلت تركيا المعارضة السورية في مؤتمرات «أستانة» ليوقعوا بأيديهم على قتل شعبهم وتنزيحه واغتصاب أعراضه.

إن هذا الاسترخاص للشخصية السورية التي فجرت أعظم ثورة في التاريخ المعاصر لم يكن ليحدث لولا توفر ظهور قابلة للامتطاء، وهامات راضية بالانحناء. وهو الأمر الذي لايزال معظم الأحرار يرفضونه رفضا قاطعا.

بعد كل ذلك تأتي «حركة طالبان» لترفض أن تعاملها تركيا كما تعامل المعارضة السورية الهزيلة البائسة.

وفي الخبر

عادت حركة طالبان لتشغل من جديد الصفحات الرئيسية في وسائل الإعلام العالمية، بعد سنوات طويلة من الفتور، وسط استمرار تقدمها الملحوظ داخل الأراضي الأفغانية، على خلفية قرار الولايات المتحدة في مايو/أيار الانسحاب بسرعة من أفغانستان. وتقول قيادة طالبان: إنها باتت تسيطر على 85٪ من إجمالي مساحة البلاد. وباستثناء عدد قليل من مراكز الولايات مثل العاصمة كابول وقندهار، فقد بسطت الحركة سيطرتها على جميع الأقضية والمناطق الريفية، وهي تنتظر من الحكومة تسليمها مراكز الولايات، التي تسيطر عليها بطريقة سلمية، باعتبار أن المقاومة المحتملة يمكن أن تؤجج الحرب الأهلية.

مر 20 عاما على الاحتلال الأمريكي لأفغانستان في عام 2001، وخلال هذه الفترة، فشلت جميع المساعي الرامية لتحقيق الأمن، وتشكيل حكومة وجيش أفغانيين قويين في البلاد. كما عجز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والمكون من 36 دولة، بينها أعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو» عن ضمان الأمن في البلاد.

أما تركيا فإنها موجودة في أفغانستان منذ أعوام طويلة، وشهدت الأيام الماضية تحذيرات وجهتها طالبان إلى الجانب التركي. وبدوري، وجّهت بعض الأسئلة حول هذا الموضوع إلى المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد. كان سؤالي الأول للمتحدث باسم طالبان ذبيح الله، هو:

• لماذا وجهت الحركة مثل هذه التحذيرات إلى تركيا. فأجاب قائلًا: «لا إمارة أفغانستان الإسلامية ولا الشعب الأفغاني لديهما عداء تجاه تركيا أو شعبها. لكن ما نريده نحن هو أن تنسحب تركيا التي أتت إلى أفغانستان تحت مظلة الناتو قبل 20 عاما. وعندما نكون بحاجة إلى تركيا سنتحدث معها مباشرة ومع الشعب التركي. إننا نريد تركيا بصفة مستقلة، ولا نريدها جزءاً من الناتو. ووفقا لاتفاقية الدوحة، التي أبرمْناها مع الولايات المتحدة، وقبلتها تركيا، يجب على جميع القوى الأجنبية، الانسحاب من أفغانستان، سواء كانت أعضاء في الناتو أم لا».

لكن القرار الذي اتخذته تركيا لضمان أمن مطار «حامد كرزاي» في كابول، اتخذ من دون مشاورتنا. نحن لا نوافق على وجود تركيا هنا في إطار اتفاق مع الولايات المتحدة. وندعو تركيا إلى التراجع عن هذا القرار. لأنه يخلق مشاكل بين البلدين المسلمين.

• وعندما سألته عن سبب عدم قيام مسؤولي طالبان بزيارة إلى تركيا، قال المتحدث باسم الحركة: «كنا نلتقي مع المسؤولين الأتراك في الأشهر الماضية، واتفقنا معهم على إجراء محادثات مشتركة لكنهم أوقفوها، بالإضافة إلى ذلك، «لا يزال الجانب التركي يعاملنا كما يتعامل مع فصائل المعارضة السورية». علما أن معظم الدول التي نلتقيها في الغرب والدول المجاورة، تطبق علينا بروتوكول الدولة. مع الأسف، نود أن نعبر عن انزعاجنا أيضا إزاء هذه المعاملة من قبل تركيا. يمكننا على الأقل تطوير علاقة مثل علاقتهم مع حكومة طرابلس في ليبيا» وأضاف ذبيح الله: «نريد لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان، فهو قائد دولة مهمة للغاية بالنسبة لنا وللعالم الإسلامي. ونرغب في اطلاعه على حقائق أفغانستان».

وعن سبب إرسال طالبان وفودا إلى العديد من الدول، مثل روسيا وإيران والهند، قال: «تجري إمارة أفغانستان الإسلامية محادثات مع دول الجوار من أجل أمن البلاد ومستقبلها. إننا نجري محادثات مع روسيا وإيران والهند والصين وباكستان وتركمانستان وأوزبكستان حول مستقبل أفغانستان. ونتحدث عن المخاطر التي ستنجر إليها المنطقة في حال قدمت هذه الدول الدعم لقوات التحالف الشمالي في كابول وساهمت في إشعال فتيل حرب أهلية كبرى. وتجري المحادثات أيضًا حول ضمان عدم تدخل هذه البلدان في شؤوننا الداخلية، مثلما لا نتدخل نحن في شؤونها الداخلية».

وعما إذا كانوا سيجرون محادثات مع الحكومة الحالية في كابول، قال ذبيح الله: «الحكومة التي في كابول سترحل مع المحتلين كما أتت معهم. ولا نريد تقاسم السلطة مع أحد. لأن حكومة كابول متورطة بالفساد بشكل كامل. لقد تم إهدار مليارات الدولارات التي قدمتها الولايات المتحدة والدول الغربية، من دون إنفاقها لصالح البلاد والشعب. وهؤلاء المسؤولون القذرون يحتفظون بأموالهم في البنوك الغربية، لأنهم لا يثقون حتى في البلد الذي يحكمونه.

توران قشلاقجي كاتب تركي.

ليست هناك تعليقات