آخـــر ما حـــرر

السعودية تعيد ضبط البوصلة للجميع.. وتصفع الأسد



رأي المحرر

لا تزال المملكة العربية السعودية تثبت يوماً بعد يوم انحيازها التام إلى جانب «قضية الشعب السوري» الذي أطلق ثورة الحرية والكرامة قبل إحدى عشرة سنة، مؤكدة على صوابية موقفها وثباته في ظل المتغيرات والمتغيرين.

وقفت السعودية إلى جانب الثورة السورية في كل المجالات، سياسياً وعسكرياً وإغاثياً، ودفعت الفاتورة الأكبر من الناحية المالية. لكن للأسف قوبلت المملكة بالإساءة من كثير من النخب المحسوبة على تيار «الإسلام المسيس» المقرب من نظام الملالي في طهران الغدر والجريمة، عبر عملية إعلامية مبرمجة وممنتجة، تهدف إلى تحويل أنظار السوريين من معاداة القتلة المجرمين إلى معاداة الأشقاء الطيبين.

كما تم مزاحمة الدور السعودي في سوريا من قبل أطراف دولية تتخندق مع «إيران وحزب الله وروسيا»، فبينما كانت سوريا محررة في معظمها في عهد «الرعاية السعودية» للثورة السورية، جاء من يسحب الأرض من تحت أقدام الشعب السوري وفصائله الحرة، عبر اتفاقات «أستانة وسوتشي» المشؤومة، ليحاصر السوريون في شريط جغرافي ضيق، في الشمال السوري، وليخضع لسلطة «قيادات وأمراء» يشبهون النظام في كل شيء، لكنهم لا يملكون «تقنية البراميل المتفجرة» ولا يملكون «السلاح الكيماوي» ليستخدموه ضد هذا الشعب الثائر، فاستخدموا بدائل قذرة لا مكان للتعرض لها.

وما قاله السيد «عبد الله المعلمي» أمس في الأمم المتحدة كان بياناً واضحاً، وجَّه صفعة مدوية لواجهة نظام الأسد الإجرامي، واضعا النقاط على الحروف في تفصيل احترافي لواقع الحال في سوريا، والأهم من ذلك أن المملكة قطعت الطريق على فكرة «التطبيع مع النظام»، وحسمت الجدل في ذلك.

وفي الخبر   

هاجمت المملكة العربية السعودية نظام الأسد بشكل غير مسبوق بسبب «البروباغندا الإعلامية الكاذبة» التي يسوقها أمام المجتمع الدولي خلافا للواقع المأساوي على كافة المستويات في سوريا، في خطاب يؤكد الرفض السعودي لمحاولات التطبيع مع الأسد وإعادته إلى الحضن العربي والساحة الدولية.

وخلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم أمس، قال السفير السعودي، «عبد الله المعلمي» متحدثا عن مزاعم النصر التي يروجها النظام السوري: "لا تصدقوهم إن قالوا إن الحرب قد انتهت في سوريا، وبنهايتها لا حاجة لقرارات الأمم المتحدة.. لا تصدقوهم، فالحرب لم تنته بالنسبة لألفي شهيد أضيفوا هذا العام لقائمة الشهداء الذين يزيد عددهم على 350 ألف شهيد آخر".

وأضاف المعلمي في خطابه: "لا تصدقوهم إن وقف زعيمهم (بشار الأسد) فوق هرم من جماجم الأبرياء مدعيا النصر العظيم، فيكف يمكن لنصر أن يعلن بين أشلاء الأبرياء وأنقاض المساكن، وأي نصر هذا الذي يكون لقائد على رفات شعبه ومواطنيه"؟.

كما اعتبر المسؤول السعودي أن "إعادة إعمار النفوس والقلوب" في سوريا يجب أن تتقدم على مشاريع "إعادة إعمار المباني" التي يدعي نظام أسد اهتمامه بها، إلى جانب تكذيب الرواية الأسدية حول "استتباب الأمن" في مناطق سيطرته وقال: "لا تصدقوهم إن قالوا إن الأمن قد استتب، واسألوا المليون ونصف مليون سوري الذين أضيفوا هذا العام إلى قائمة المهددين بغياب الأمن الغذائي، مما دفع بأعداد المحتاجين إلى قرابة عشرة ملايين سوري".

ولفت المعلمي إلى أن نظام أسد هو الداعم الأول للإرهاب في المنطقة "عندما أدخلوا إلى بلادهم حزب الله الإرهابي زعيم الإرهاب في المنطقة، والمنظمات الطائفية القادمة من الشرق وشرق الشرق"، في إشارة للميليشيات الإيرانية التي استباحت أرض سوريا وقتلت شعبه وأقامت مشاريعها الطائفية تحت شعارات ودعاوى مزيفة.

إلى ذلك، اعتبر السفير السعودي أن نظام الأسد يعيش حالة من التخبط والإخفاق بسبب سياسته الإجرامية المتواصلة في سوريا، وأضاف: "لا تصدقوهم إن التفتوا يمنة ويسرى وراحوا يبحثون على أسباب إخفاقهم ويرمون بها على مختلف الجهات، دون أن يمارسوا النظر إلى الذات قبل أن ينبطق عليهم المثل القائل: رمتني بدائها وانسلّت".

وتعد تلك التصريحات، عرقلة سعودية واضحة لأي تعويم عربي أو دولي لنظام أسد الذي مازال يرتكب جرائم "فظيعة" تجاه سوريا والسوريين منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، ولا سيما خطة التطبيع العربي التي يسعى لها الأسد بدعم وتنسيق روسي مكثف لإعادة شرعنته قفزا فوق قرارات الأمم المتحدة وعلى حساب دماء وحقوق ملايين السوريين.

ومازالت السعودية تشترط الحل السياسي وفق قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لأي تسوية ممكنة في سوريا، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بشكل كامل والإفراج عن المعتقلين، إلى جانب مطالباتها الحثيثة بفك ارتباط أسد مع إيران وأذرعها في المنطقة، وطرد جميع ميليشياتها من الأراضي السورية.

آخر تلك المواقف كانت خلال اجتماع بشأن سوريا، جرى مطلع الشهر الحالي، برعاية أمريكية وجمع ممثل إدارة الرئيس بايدن مع ممثلين عن جامعة الدول العربية ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والعراق والأردن والنرويج وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والمملكة المتحدة.

وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، أكد المجتمعون حينها دعم وحدة سوريا وسلامة أراضيها ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وكذلك دعم تنفيذ جميع جوانب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، بما في ذلك الوقف الفوري لإطلاق النار على الصعيد الوطني، والإفراج عن المعتقلين تعسفياً، وإيصال المساعدات دون عوائق وبشكل آمن، الأمر الذي فسره مراقبون على أنه رسالة دولية واضحة لرفض أي عملية تطبيع مع نظام الأسد قبل الامتثال للقرارات الدولية. 

هناك تعليقان (2):