آخـــر ما حـــرر

هل نظام الأسد طائفي؟.

 


ربما يكون السؤال صادماً لأول وهلة لأن طائفية النظام ليست من الأمور التي يسهل إخفاؤها.. فقد مارس الطائفية المقيتة بكل أبعادها، مارسها في السلم والحرب، حين عمل على على تطويف العسكر والتعليم والإدارة والمال..

لكن هذا الأمر كان جدلياً لدى النخبة السورية!. فمنهم من يصر على نفي «صفة الطائفية» عن النظام بدعوى أن المحورين «الثورة والنظام» احتوى كل منهما معظم أطياف الشعب السوري.. لكن هذا ليس كافيا لتبرئة النظام من تهمة الطائفية، فالثورة احتوت على كل أطياف السوريين لأنها ثورة وطنية نظيفة، والنظام احتوى على كل الأطياف لأنه لا يريد حصر الجريمة بطائفته ويخشى من اتهامه بهذه العورة، فطبق «نظرية الرعب» وجنَّد معظم الطوائف لخدمة أغراضه القذرة. فانتماء «حركة حماس السُّنِّية» مثلاً لمحور «المقاومة والممانعة» بزعامة إيران لا يعني أن إيران ليست طائفية.

ومنهم من برَّأ النظام من تهمة الطائفية خشية أن يقع في الصراع الطائفي متجاهلاً أن من يفضح طائفية النظام ليس طائفياً بل هو كاره للطائفية. والبعض لا يزال أسير "الرُهاب" الذي أودعه النظام في النفوس من أي تطرق لذكر الطائفية، فهو طائفي بكل شيء، لكنه حرَّم على الناس الإشارة إلى طائفيته المعلنة.

نتساءل هنا:

إذا لم يكن نظام الأسد طائفياً فمن هو الطائفي في العالم كله؟. لا أعتقد أنه يوجد على الأرض من مارس الطائفية كما فعل نظام الأسد وحليفه الإيراني.

ويقول البعض: النظام ليس طائفياً لكنه يستخدم الطائفية لحماية حكمه!. وهذا كلام لا معنى له وفيه تكلُّف لنفي الطائفية عن النظام، فالنظام متلبس بجرم الطائفية حتى النخاع.

حتى لا يبقى الكلام منفتحاً على التأويلات لا بد من توضيح حدود ما هو طائفي أو غير طائفي، في ممارسات الأنظمة والأحزاب.

السلوك الطائفي يعني بالضبط الانكماش على طائفة معينة في ظلمها أو مظوميتها، مع معاداة طائفة (أو طوائف أخرى) بغير ذنب سوى الانتماء.. وهنا يمكن التمييز بين مجرم طائفي ومجرم تقليدي.. فالأول يمارس الجريمة على الآخرين لمجرد انتمائهم مدفوعاً بدوافع إديلوجية أو تاريخية أو وراثية. بينما المجرم التقليدي هو الذي يرتكب الجريمة لتحقيق مصلحة معينة أو دفع خطر يتهدده، وتبقى جريمته بحدود المستهدف وبحدود الهدف.

بهذا المعنى يمكن بسهولة استنتاج أن نظام الأسد كان طائفياً في سلمه وحربه، فقد قرب أبناء طائفته من المراكز المرموقة في المجتمع، وعزز مكانتهم، وأمَّن لهم الحماية والرعاية، وميَّزهم في التعيينات والامتيازات والتسهيلات، جاعلاً لهم الأولوية في نيل كل مصلحة.. كما أنه جعل من معظم أبناء طائفته أشخاصاً فوق القانون، وفوق المؤسسات، فتتوقف العقوبة حين يكون الجاني من طائفة النظام.

نظام الأسد ليس مجرد عصابة طائفية بل إنه «امبراطورية طائفية» شديدة التمكين، فقد أمسكت طائفته بالجيش والتعليم والفن والأدب، وكل ذلك بمنطق السلطة لا بمنطق الكفاءة.

وبعد اندلاع أحداث الثورة السورية تم تشكيل حلف طائفي يضم إيران وأذرعها الإرهابية، ولم يجمعهم سوى النزوع الطائفي.. وقد أظهرت آلاف المقاطع الموثقة فظاعة الممارسات الطائفية ضد الشعب السوري، حتى يمكن القول: إن المهام القذرة جداً كانت تسند إلى أبناء طائفته. ولم يكن يأمن للطوائف الأخرى- وخاصة السّنِّية في المهام الصعبة.

لا شك أن النظام نجح بتجنيد كثير من أبناء الطوائف الأخرى ليغطي سوءاته الطائفية الواضحة، فهو يعلم أن الطائفية تهمة محتقرة، وهو الأمر الذي يغيب عن أذهان بعض النخب من الذين ينفون الطائفية عن النظام، وكيف يخفونها وهي ظاهرة في الشعارات والمنطلقات والممارسات الفاضحة؟. وكيف نتستر عليه وأعماله تفضحه؟.

عبدالناصرابوالمجد          

ليست هناك تعليقات