حين نمتلك تصوراً صحيحاً عن ماهية نظام الأسد
وهذه أبرز صفات النظام الذي ثار عليه السوريون:
1. إن النظام الحاكم في سوريا هو نظام محتل
للبلاد غاصب للوطن, استولى على مقدراته و تسلط على أهله ومارس الاحتلال بسقفه
الأعلى, و اعتبر أرض الوطن مزرعة سلبا له, يملك ظاهرها وباطنها, وسكان البلد عبيدا
له، ولا يقيم وزناً لأي مقدس, ولا احتراما لأي مقدر. وشارك الناس في أقواتهم و
أرزاقهم, و مصالحهم, واستولى على الأراضي والممتلكات و صادر الحريات وكمم الأفواه,
و نشر الرعب والخوف في كل مكان, أضمر العداء للشعب السوري من أول يوم استولى فيه
على السلطة, ولم تصاحبه حالة تصالحية أو
تسامحية مع الشعب في أي مرحلة من مراحل حكمه. ولم يعمل لمصلحة الوطن والمواطن يوما
من الأيام, ولم يكن لديه خطة تنموية أو تطويرية تنهض بالبلاد تتناسب مع مقدرات
الوطن ومع التطور النوعي الذي يشهده العالم, بل كان همه نهب ثروات البلاد بشكل ممنهج لتتكدس الثروة في يد عصابة وضعت يدها على كل
شيء في الوطن, ولأنه نظام محتل فقد كانت معركة التحرير معركة شرعية مستحقة.
2. إن هذا النظام نظام إرهابي بكل ما تحمله
الكلمة من أبعاد, مارس الإرهاب عن قصد وإصرار، إرهابا لم يسلم منه الكبير ولا الصغير,
ولا الذكر والأنثى، مارس القتل والسجن والتشريد والتهجير والتعذيب والتنكيل والسلب
والنهب والاغتصاب والفتن والتمييز وإهانة الإنسان والقيم والمقدسات، وكل ذلك بأبشع
مظاهره ،فقد ارتكب الجريمة المركبة بكل أبعادها, ويترتب على ذلك وجوب تسويق هذا
النظام على أنه نظام إرهابي، لا ينبغي أن يفلت من العقاب ولا يحظى بخروج آمن لما
اقترفته يداه من جرائم ضد الانسانية، بل يجب الحديث عن أي محكمة يجب أن يحاكم فيها؟.
3. إن هذا النظام فاقد للشرعية ابتداء وختاماً, لأنه جاء على ظهر
دبابة بانقلاب عسكري على الشرعية الدستورية، ولأنه لا يمثل إرادة الشعب ولا يعبر
عن تطلعاته، بل مارس التزوير الواضح والتزييف الفاضح في كل استحقاق انتخابي صغيرا
كان أو كبيراً. كما أن هذا النظام لم يكن على مقاس الشعب السوري العظيم فمثل هذا
الشعب المبدع الشجاع يستحق زعيما رائدا فذا عظيما, ويستحق حكم الأكفياء الأوفياء, ولا يليق بالشعب العظيم حكم الصعاليك المهاليك. وهو فاقد للشرعية بسبب
تخليه السلس عن إقطاعات من أرض الوطن ومقدراته لصالح العدو الخارجي الذي يهدد
هويته وترابه الطاهر، كما رهن قرار الوطن لقرار أعداء الوطن, وها هي البلاد تدار اليوم
بأيد ايرانية وروسية. ولقد تكرس فقدانه للشرعية منذ أن أطلق أول رصاصة على
المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية ثم أمعن في قمعهم بالسلاح الثقيل. و يترتب
على فقدان نظام الأسد للشرعية رفض أي شكل من أشكال التنازل له, لأن ذلك يمنحه رافعة
شرعية هو بحاجة ماسة إليها, وإعادة إنتاج له بعد تهالكه.
4. إن هذا النظام نظام عصابة مافيوية وليس نظام
مؤسسات، فهو لم ينشئ دولة قانون، بل إنه هو من يخالف القانون ويتخطاه, نظام «فاسد»
أشاع الفساد والمحسوبية على كل صعيد وفي كل مجال، وهو عصابة «رجعية متخلفة» عن ركب
الحضارة وسلم المدنية والتطور والقانون والبحث العلمي والمناهج والاقتصاد والتخطيط
والإدارة والمعلومات، لا تعرف التقدم ولا تنشده للبلاد، عصابة «همجية» لا تتعامل بالتفاهم
والمنطق والحوار البناء، وهو عصابة «تشبيحية» يلملم الأوباش من كل حاوية وزقاق ليمارسوا
الجريمة الفظيعة, وعند الحديث عن عصابة فليس في الوارد تطبيق نظرية الإصلاح لأن
العصابة غير قابلة للإصلاح، وإنما يجب تطبيق نظرية التغيير الجذري
بحيث يتم إسقاط النظام بكل رموزه الإجرامية.
5. نظام الأسد نظام طائفي بامتياز تعامل مع المجتمع السوري بمنطق الطائفة
لا بمنطق الدولة وذلك في التعيينات والامتيازات والمكافآت. وتعامل مع الشعب السوري مستحضراً أحقاد التاريخ
والإديلوجيا والثأر والانتقام. ولا يعترف بمبدأ المواطنة حيث اختطف الوطن له
ولعائلته المستبدة معتبراً أنه لا حق لأحد في هذا الوطن إلا ما يتفضل هو عليه.
وحين يجد الجد فلا حق للمواطن بماله وبيته وأولاده وعمله وجنسيته.
6. وهو نظام عميل تحالف مع أعداء الشعب وتنازل عن ثوابت الوطن وفرط
باستقلال قراره ووحدة أراضيه وهؤلاء الأعداء هم: إيران وروسيا فقد تصدروا لائحة
العداء فوجب إعلانهم كعدو أول للشعب السوري، وإشهار مقاطعتهم ورفضهم في أي مشروع
تسوية أو حل أو حوار أو تدخل لأنهم حاضرون بالأصالة والكلية في المذبحة السورية
ولولا تدخلهم لسقط النظام مبكرا.
7. وهو نظام أمني من الدرجة الأولى حريص على معرفة كل شاردة وواردة تدور
بين الناس لأنه بالأصل غير آمن على وجوده بسبب إرهابه وظلمه للناس. وقد فرض على
المجتمع السوري حالة من الرعب المقيم والذي سيطر على اهتمام البشر حتى صار الهاجس
الأمني أهم من الطعام والشراب بالنسبة للناس. وقد عمل على ربط الناس بالأفرع
الأمنية بسبب أو بلا سبب، حتى ساد الحذر بين الناس وانعدمت الثقة. ولأنه نظام
مخابراتي فهو لا يحترم مقامات الناس بل ربما أهان الأعيان قبل عامة الناس.
عبدالناصرالحسين
ليست هناك تعليقات