آخـــر ما حـــرر

أبو ماريا القحطاني: الجهاد انتهى ولسنا حركة جهادية..اليوم نحارب القاعدة وداعش



رأي المحرر

خبر خارق للعادة وخارج عن المألوف لكنه مر متخفياً لم يبصره إلا القليل من المتابعين لولا أن «موقع أورينت نت» نشره، والخبر يتعلق بإعلان «هيئة تحرير الشام» المصنفة إرهابية تخليها عن الجهاد، وأن باب الجهاد قد أقفل، وتحول قتال الهيئة ضد «تنظيم داعش» و«تنظيم القاعدة».

واضح أنه بات للهيئة خطابان: خطاب للداخل المغشوش بهم حيث لازالوا يتحدثون عن رباط مجاهدي الهيئة، وحمايتهم للثغور، وخطاب يصدر للخارج يعتبر الهيئة شريكا دولياً في محاربة الإرهاب.

هل ننتظر من النخبة الإسلاموية أن تتبرأ من الهيئة باعتبار تأييدهم لها كان منوطاً بالجهاد، والجهاد بات ساقطاً من أدبيات الهيئة، فالمنطق يقضي بانتقال تلك النخبة المنحرفة إلى ضفة العداء للهيئة وليس مجرد التوقف عن تسويقها.

منذ لقاء «الجولاني» بالصحفي الأمريكي «مارتن سميث» في 2021 دخلت الهيئة في مرحلة جديدة عنوانها «العالمية والبراغماتية السياسية»، وهذا يثبت انتماء الهيئة لمخابرات «نظام الأسد» صانع وراعي الإرهاب والمخدرات، فليس من طبيعة التنظيمات الرديكالية أن تتحول بهذه الطريقة كمؤسسة وكيان، لا كأفراد منشقين أو «تائبين».

وانطلاقا من فرضية أن الهيئة جزء من منظومة النظام الأمنية وقد أوكل إليها النظام إدارة «إدلب» وكل الشمال إن أمكن، فيمكن قراءة المشهد المتحول بطريقة أكثر عمقاً وجدية، بحيث يمكن القول: إن نظام الأسد أوكل إلى الجولاني تهيئة «إدلب» لتكون جاهزة للالتحاق بما سماها رأس النظام سابقا «سوريا المفيدة»، وبهذا المعنى كذلك نجزم بأن الجولاني في تحركاته الأخيرة يسعى لاعتقال أكبر عدد من الناشطين الذين قد يقفون بوجه «تسليم الشمال» للنظام الإرهابي، فأجهزة النظام نفسها في الجنوب السوري تعمل العمل ذاته باقتحامها للبلدات لاعتقال الشباب المتخلفين عن الخدمة العسكرية وإرسالهم إلى الثكنات، ولعله يأتي في هذا السياق محاولة أجهزة النظام اغتيال «ليث البلعوسي» القائد الأبرز لفصيل ما يسمى «رجال الكرامة» المناوئ للنظام، مساء يوم السبت، حيث أصيب برجله وربما والدته كذلك.

وفي الخبر      

في تحول يحاكي نهج بشار الأسد وإعلامه، زعم ميسر بن علي الجبوري الشهير أبو ماريا القحطاني اليد اليمنى لأبو محمد الجولاني متزعم هيئة تحرير الشام أن الهيئة تحارب تنظيم داعش والقاعدة وأنها ليست حركة جهادية وأن الجهاد انتهى.

جاء ذلك على لسان وسيم نصر، الصحفي المختص في الحركات الجهادية، بقناة فرانس 24 بعد دخوله إلى إدلب ولقائه الجولاني والقحطاني.

وعقب عودته من إدلب قال نصر للقناة الفرنسية إنه خلال زيارته لم يكن مخططاً للقاء قيادات هيئة تحرير الشام، لكن شاءت الأمور ليتم تنظيم لقاء مع "أبو محمد الجولاني" ومساعده "أبو ماريا القحطاني".

وأضاف أنه خلال زيارته تمكن من إجراء لقاء مع العراقي "أبو ماريا القحطاني" ليكون بذلك أول صحفي يجري مقابلة مع ذلك القيادي البارز في التنظيم.

ولم يتطرق نصر لما دار في مقابلته مع الجولاني إلا أنه تحدث عن فحوى اجتماعه بالقحطاني الذي سبق له القتال في تنظيم القاعدة في العراق ومن ثم في سوريا.

القحطاني: الجهاد انتهى ولسنا حركة جهادية

وبحسب نصر فقد قال القحطاني حرفياً "نحن نمنع الشباب هنا من الدخول في الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة ودعينا إلى حل القاعدة.

وأضاف القحطاني: نحن نعتبر اليوم أن الجهاد انتهى وأننا لسنا حركة جهادية ولا نريد أن نصنف كجهاديين وأن يتكلم معنا خبراء بالحركات الجهادية، نحن خرجنا من هذا الأمر.

ومضى قائلاً "نحن لا نقول إن حركة تحرير الشام حركة ديمقراطية لكنها ليست جهادية عالمية كالقاعدة والدولة الإسلامية"، ناكراً مسؤولية الحركة عن أي عمليات إرهابية في الغرب.

وفقاً لنصر، فإن قادة الهيئة أبدوا استغرابهم من إدراج الشخصية المالية الأبرز لديها "أبو أحمد زكور" على قوائم العقوبات الأمريكية مؤخراً، مؤكدين أنهم يقاتلون القاعدة وداعش في إدلب، وذلك في محاكاة لما يردده إمبراطور المخدرات بشار الأسد وإعلامه.

وأكد القادة أن الهيئة تدفع المقاتلين الأجانب إما للانضواء تحت رايتها وبالتالي السيطرة عليهم أو دفعهم إلى الخروج من إدلب.

وتحدث نصر عن مساعي هيئة الجولاني لإعادة بعض الحقوق المسلوبة للمسيحيين من أهالي قرى ريف جسر الشغور والسماح لهم بإعادة إعمار وصيانة كنائسهم.

وتطرق نصر إلى تفاصيل تنقله في إدلب والمدن الأخرى التي زارها، وأكد أنها تعيش أجواء مدنية طبيعية تغيب عنها المظاهر العسكرية، خلافاً للمعتاد بالمدن التي تحطمها فصائل جهادية متشددة تقليدية، حيث لم يتم توقيفه في كامل رحلته إلا على حاجزين يتبعان لإدارة الحواجز التابعة لهيئة تحرير الشام.

وسبق أن أجرى الجولاني في عام 2021 مقابلة مع الصحافي الأمريكي مارتن سميث من قناة BPS الأمريكية انتقد فيها تصنيف دول أوروبية للهيئة بـ"الإرهاب" معتبراً أن التصنيف "مُسيّس" وأن الهيئة "لا تشكّل تهديداً للدول الإقليمية"، داعياً الدول المعنية إلى مراجعة سياساتها تجاه الهيئة، بحسب تعبيره.

وكانت واشنطن أدرجت هيئة تحرير الشام بزعامة الجولاني على قائمة التنظيمات الإرهابية عام 2018 باعتبارها أحد أذرع "جبهة النصرة" التي انفصلت عن تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية.

ليست هناك تعليقات