ماذا يحدث عندما تطلب قناة إعلامية روسية التعليق على قتل طبيبين في غزة
يتضايق البعض من عقد مقارنات فاقعة في
قضايا حاسمة ملتجئاً إلى مقولة ظالمة مفادها «كلهم واحد» أو «وجهان لعملة واحدة».
وهذا النوع من المتابعين سيجد نفسه في موقف ما لا يتحدث إلا عن مجرم واحد. والحديث
هنا عن موقف معبِّر حدث مع الدكتور زاهر سحلول رئيس «مؤسسة الميدغلوبال».
يقول الدكتور زاهر: تلقيت رسالة من تلفزيون
روسيا اليوم RT هذا الصباح جاء فيها:
«تحية د.زاهر سحلول.. اسمي إيلينا، وأنا
أكتب نيابة عن RT، شبكة بث إخبارية عالمية...
نحن نغطي التقارير التي تفيد بأن العاملين في المجال الطبي والمنظمات الصحية قد
ذكروا مقتل اثنين من كبار الأطباء، طبيب أعصاب ورئيس طب داخلي في أكبر مستشفى في
غزة، في الهجمات الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني المحاصر.. نود أن ندعوكم بحرارة
لإجراء مقابلة حول هذا الموضوع المهم. هل تكون مهتماً ومتاحاً؟.. وأشكركم مقدماً
على الوقت والنظر، وأتطلع إلى الاستماع إليكم في أقرب وقت ممكن.. أطيب التحيات.. إيلينا
بيلوفا (أفاناسييفا) المنتج: آر تي العالمية».
وكان ردي:
«عزيزتي إيلينا: في المواقف المعتادة أود
ذلك، ولكن شبكتكم كانت تشوه حقائق الأزمة في وطني الأم سوريا، ودعمت دعاية نظام
الأسد، وتسترت على انتهاكات حقوق الإنسان الحقيرة، واستخدام الأسلحة الكيميائية،
واستهداف العاملين في الرعاية الصحية في سوريا من قبل نظام الأسد (حيث قُتل أكثر
من 930 طبيباً وممرضاً على يد الأسد وروسيا، واستُهدف أكثر من 580 مستشفى).
ألا تعتقدون أنه من النفاق أن يسلط الضوء
على الخسارة المؤلمة والمحزنة لاثنين من الأطباء الفلسطينيين اللامعين في غزة،
بينما تغضون الطرف عن مقتل 930 من العاملين في مجال الرعاية الصحية في سوريا
(الكثير منهم اصدقائي)؟»...
المؤكد أن «إيلينا» كانت محرجة من رد
الدكتور عليها.. لكنها كإعلامية خبيرة لن تجد صعوبة في إيجاد مخرج لها من
حراجتها.. فقد تجيبه بالقول: نحن نسألك اليوم لتوضيح صورة ما يحدث في فلسطين..
لأنه حالياً هو الحدث الأبرز على الساحة.. وبدورنا نشكرك.
ينتهي الحوار- ربما- بهذه القفلة لكن
حوارات النخبة المثقفة مفتوحة على كل صعيد. فصحيح أن هناك فريقاً أسهب في نشر
أحداث القدس المأساوية إلى درجة أنه لم يعد يرى سواها. لكن فريقاً كبيراً من
النخبويين يصر على استحضار صورة الإجرام الأكبر وهو ما حدث في سوريا والعراق
واليمن على يد الميليشيات الطائفية التابعة لإيران وأذرعها القاتلة، هناك حيث كان
القتل بالجملة والتعذيب المركب والحصار والتجويع، هناك حيث استخدمت «منظومة
السكاكين» والقطَّاعات والفرَّامات والمحارق في تعذيب الأبرياء وقتلهم. نعم
الأبرياء!. وهل بعد الطفولة من براءة؟. فالأطفال هم المستهدف الأول في تلك
الملاحم، يقتلونهم بلا رحمة كالذي حدث مع الطفل «حمزة الخطيب» و«ثامر الشرعي»
وآلاف مثلهم، لم يقتلوا برصاصة طائشة أو حادث مؤسف بل قتلوا تحت التعذيب الذي يحضر
فيه «الصعق الكهربائي والخنق تحت الماء والتبريد والتجويع والتحريق وقلع الأظافر
والرموش ...».
يخشى البعض من المقارنة!. حتى لا يظهر
الجانب الأهم من «مشهد الحقيقة» ولا يخشى المقارنات إلا من كان كارها للحق وأكثرهم
للحق كارهون.
ليست هناك تعليقات