آخـــر ما حـــرر

نظام الأسد شعر بالغدر الروسي فمنع اجتماع "جود".



تجمع جديد لـ«موديل جديد من المعارضة» .. يحمل اسم «الجبهة الوطنية الديمقراطية» واختصاراً «جود» كان من المقرر أن يجتمع اليوم في منزل «حسن عبد العظيم» المنسق العام لـ «هيئة التنسيق».. تلك الهيئة ومثيلاتها كان يحلو لهم أن يسموا أنفسهم «معارضة الداخل» في انتقاد صريح لمعارضة الخارج وصل إلى حد احتكار شرعية المعارضة لمن يقيم داخل سوريا وربما داخل دمشق وربما داخل منزل «عبد العظيم». على اعتبار أنهم يقارعون النظام من داخل سوريا حتى لو كان ذلك بطريقة «اللحمسة والدغدغة» وخفض السقف السياسي إلى مستوى لم نعد نميز فيه بين المعارضة والمولاة.

لكن دعونا لا نظلم الجماعة فهم اليوم يتحدثون عن سقف مرتفع جداً يتضمن المطالبة بـ«هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية، وبناء جيش وطني، وإخراج كافة الجيوش والميليشيات الأجنبية، وإنهاء العمليات العسكرية، وإخراج المعتقلين، ومعرفة مصير المختفين منذ ثمانينات القرن الماضي.

هل رفعوا سقفهم لأن النظام بات ضعيفاً جداً ولا يقوى على اعتقالهم أو تصفيتهم؟. أم لأنهم تيقنوا أن الشعب السوري لا يمكن أن يرفع رايات الاستسلام؟. أم أن لديهم ضمانات من إحدى الدول العظمى بعدم التعرض لهم.. كروسيا مثلاً؟.

 نعم هي روسيا ولا أحد غير روسيا ولا يصح أن نذهب إلى فرضيات أخرى نظراً لوضوح الأمر.

روسيا التي أيقنت أن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون إلا «جنيفياً».. وأن «أستانة وسوتشي» وصل إلى حائط الإرادة الدولية بقيادة أمريكا التي يبدو أنها ماضية في سياستها الضاغطة لإنهاء الحقبة الماضية في سوريا والذهاب إلى الحل السياسي الجاد دون «زعبرة».

لكن القيادة الروسية التي استسلمت لواقع «جنيف» تصر على اللعب في الوقت «بدل الضائع».. فبينما كانت خطتها في السنوات الثلاث الأخيرة «شطب جنيف» من خلال أستانة صارت الخطة الروسية اليوم هي «خطف جنيف» والعمل على تطبيقه من خلال معارضة لا ترى في السياسة أبعد من أنفها.

أرادت روسيا تفعيل حلفائها من المعارضة ودفعهم لعقد مؤتمرهم في الداخل السوري مزودة إياهم بمطالب شبيهة بالثورة السورية التي لم تكن تشبههم في يوم من الأيام.. وذلك بهدف منحهم شرعية شعبية وقبولاً دولياً.

وبينما كانت موسكو حريصة على إعادة إنتاج «حكم الأسد» وإرجاعه إلى الحضن الدولي، صار همُّ موسكو هو الحفاظ على مكتسباتها في سوريا، والحفاظ على ماء الوجه لتثبت للعالم أن الحل في سوريا «روسيٌّ وليس أمريكياً».

وكعادتها لا تستطيع موسكو تنفيذ خططها إلا من خلال المعارضات الهزيل والقيادات الضعيفة لتقول للأمريكان: تلك هي «مشيئة الشعب السوري» فما شأنكم أنتم؟.. فعلت هذا في «تسليم الجنوب السوري» وفي: توجيه البعض لإطلاق ما سمَّوه وقتها «المبادرة الوطنية» ثم «فتح المعابر» وصولاً إلى «جود» بالموجود.

لكن الخطة الجديدة التي كان على تجمع «الجبهة الوطنية الديمقراطية» تنفيذها تهدف إلى:

1. إيجاد بديل لبشار الأسد من داخل «جود» بعد أن صار الأسد «عانساً» سياسياً.

2. الحكم البديل التابع لروسيا سوف يطلب من القوى الأجنبية مغادرة سوريا وفقاً لجدول زمني محدد.

3. الحكم البديل سوف يشرعن الوجود الروسي في سوريا ويكرِّسه كسلطة احتلال طويل الأمد.

4. ستعمل روسيا على إرضاء تركيا ب«كانتون» إخواني في الشمال الغربي من سوريا من خلال «فدرلة سوريا».

5. ستعمل روسيا على إرضاء الإيرانيين باحتكار الجانب الإديلوجي في سوريا والعمل على نشر التشيع وكسب الناس.

لكن الأمور لم تجر كما خططت روسيا.. فنظام الأسد لا تخفى عليه أبعاد الخطط الروسية وسوف «يجاهد» حتى النهاية للحفاظ على حكمه حتى لو صارت سوريا دولة فاشلة وصار حكمه معزولا دولياً.. فعمل على منع انعقاد «مؤتمر الضرار».

وهنا يحضر السؤال المهم:

كيف لبشار اللأسد أن يجابه الإرادة الروسية وهو يمر بأضعف مراحله؟. وما هي ردة فعل موسكو على تلك المجابهة الجريئة؟.

قد يكون الجواب في مقولة: إن الغريق لا يخشى من البلل.. وأن نظام الأسد لم يعد لديه ما يخسره، وأنه سيحاول البحث عن بدائل يأوي إليها كـ«إسرائيل» أو "أمريكا" مثلاً.. وسيحتاج إلى البحث عن شيء في زوايا «الوطن الجريح» ليبيعه.. أو يعمل على بيع ملف أمني ما، يتعلق بـ«تنظيم القاعدة» كان قد خبَّأه ليوم العسرة.

ومهما يكن من أمر فإن النظام أغضب حليفه الروسي الذي سوف يدرس خيارات جديدة في سوريا ويبحث عن خطط جديدة لإنقاذ ما تبقى له، وقد يصل الأمر إلى حد «شطب الأسد» من المشهد، بإجباره على الرضوخ للحل الساسي، خشية أن تصعد أمريكا من ضغوطاتها ضد روسيا، ليصل الأمر إلى حد الشروع بطرح «قضايا الإجرام» الروسي في المحافل الدولية المختصة والمطالبة بمحاكمة القيادة الروسية على «الملف الكيماوي».

عبدالناصرابوالمجد

 


 



هناك تعليق واحد:

  1. وهل يمتلك النظام الجرأة على اتخاذ هكذا خطوة دون موافقة روسيا . صحيح أن الغريق لا يخشى البلل لكن يخشى على حياته .
    ربما أن وراء الأكمة ما وراءها

    ردحذف