آخـــر ما حـــرر

نظام الأسد بلا أنياب


 

أنياب الأسد كالأسد ذاته بل أشد قذارة وبطشا لكنها اليوم تشهد تساقطا الواحد تلو الآخر, حيث يعلم الجميع أنه لولا تدخل المتدخلين إلى جانب النظام الأسدي لسقط النظام مبكرا, لكن النظام الإيراني- مهندس السياسة الأسدية- أعطى أوامره لكل الطائفيين في الأرض أن يدخلوا إلى سورية ليقتلوا الشعب السوري الثائر المطالب بحريته وحقه في تقرير مصيره واختيار من يحكمه.

 فتدخل حزب الله الإرهابي منذ الأيام الأولى من عمر الثورة، وكان دوره في البداية مقتصرا على عمليات القنص، وكان عناصره يتنافسون في دقة الإصابة في رؤوس المتظاهرين والمدنيين الآمنين, ثم تطور تدخله إلى القتال إلى جانب قوات النظام سرا، ليجس نبض المجتمع الدولي ومدى تحمله لهذا التدخل السافر بذريعة حماية المراقد الشيعية, وكان يدفن قتلاه سرا لأنه يعلم قذارة ما أقدم عليه, وفي المرحلة الأخيرة أعلن الحزب عن تدخله علنا بحجة مقاتلة التكفيريين, فاجتاح القصير وحمص القديمة والقلمون, وقاتل في الغوطة والسيدة زينب وفي معظم الأراضي السورية, ولا مبالغة بالقول: لولا تدخل حزب الله لتضعضع النظام مبكرا, واليوم طرأ تغير دراماتيكي على الأحداث سيجبر حزب الله على الانسحاب من سوريا إذا أراد ألا يخسر مستقبله السياسي وبذلك ينخلع أقوى ناب من أنياب الأسد.

وهناك متدخل آخر ينتمي إلى المدرسة الإيرانية وهو المالكي, الذي كان عدوا لدودا للأسد الذي كان يشوش على الوضع العراقي خشية وصول قطار الشرق الأوسط الأمريكي السريع, ووصل الحال به إلى حد أن يقدم شكوى ضد الأسد إلى الجنايات الدولية, لكن المالكي- وبأوامر إيرانية- وقف إلى جانب الأسد في قمع ثورة الكرامة السورية داعما إياه بفرق الموت الطائفية كجماعة أبي الفضل العباس, والزينبيين والفاطميين، وقد وضع جزءا من الخزانة العراقية في خدمة الحرب الأسدية على الشعب السوري, لكن المالكي اضطر لسحب كثير من جيفه بعد أن اهتزت بغداد تحت أقدام حكامها, وبذلك خسر الأسد بعضا من أسنانه المسمومة حقدا وعدوانا, ثم تطورت الأحداث إلى أن تسببت في سقوط المالكي نفسه فانخلع بذلك ناب من أنياب الأسد.

أما المتدخل الأخطر فهو «دولة العراق والشام» التي أطلق عليها الناشطون اسم «داعش», وهذا التنظيم يختلف عن سواه من التنظيمات بأنه تنظيم سني لكن بقيادة شيعية عموما وغرفة عمليات إيرانية, في تركيبة أشرفت عليها مخابرات سورية وعراقية وإيرانية, جعلت التنظيم يقاتل الناشطين والثوار السوريين كأولوية شرعية بحكم أنهم مرتدون، أما الآخرون فهم كفار أصليون, وعندما تعاظم خطر هذا التنظيم المظلم وبدأ يشكل خطرا على دول الجوار والمصالح الغربية وضعت الخطط لإنهائه بشكل تدريجي, وذلك بواسطة تحالف أمريكي أوربي وإجماع عربي, إن هذه الجلبة الدولية ضد داعش لا بد أن تنتج نتائج مفيدة للثورة السورية لأنها تنزع نابا آخر من أنياب الأسد.

لكن الناب الأكبر للأسد هو الاقتصاد.. الذي من خلاله قتل الشعب وأحرق الوطن ووزع المال على حلفائه وأعوانه واشترى به الضمائر المتفسخة.. لكن أموال الأسد أوشكت على النفاد، وتقطعت أوصاله وتفتت مفاصله.

وبعد أن أصبح الأسد منزوع الأنياب، سوف يبدو كحمل وديع يسهل جره إلى أي حل سياسي, ويسهل إطاحته بحسم عسكري, ويسهل اقتياده إلى محكمة الجنايات الدولية، وهذه النهاية هي خير تتويج لنضالات الشعب السوري وتجسيد لتضحيات الثوار.

الكاتب والباحث السياسي: عبدالناصرالحسين... 23/4/2019    

ليست هناك تعليقات