آخـــر ما حـــرر

من أحداث حماة عام 1982 إلى أحداث ثورة 2011 القاتل نفسه والضحية نفسها


                                                                                                                                                             مفتي حماة الشيخ «بشير المراد» ذهب الجنود إليه، وأخرجوه من داره مع مجموعة من أقربائه. وأخذوا يضربونه، ويـعفرون لحيته بالتراب، وقاموا بسحله، ثم أحرقوه وهو حي، مع غيره من العلماء.   طلب الجنود من الأهالي التوجه نحو سيارات الخبز في طرف الشارع. أسرع عدد كبير من الأطفال، وكانوا بالعشرات، حملوا الخبز وقفلوا عائدين، اعترضهم الجنود، وطلبوا إليهم الدخول إلى الجامع الجديد، وهناك فتحوا عليهم النار، وسقطت الأجساد الطرية، وسالت دماء الأطفال على الخبز الذي كان لا يزال في الأيدي الصغيرة. كان الجنود يدخلون إلى الملاجئ، وينتقون الفتيات الصغيرات، ولا يعرف الأهل بعد ذلك عنهن شيئاً. وفي «حمام الأسعدية» الكائن في منتصف سوق الطويل، وجدت جثث كثيرة لفتيات معتدى عليهن ومقتولات، حيث ذكر شهود عيان أن الجنود أمروا بممارسة الاغتصاب المنظم وألا يتركوهن إلا حوامل، عاريات من ملابسهن. 
      قصة أسرة من «آل السواس» في منطقة «الباشورة»
     اقتحم الجنود منزلها، فقتلوا الزوج، ثم أرادوا الاعتداء على شرف زوجته، فقاومتهم مقاومة شديدة حتى يئسوا منها، فصبوا مادة مشتعلة (المازوت) عليها في أرجاء غرفتها وأشعلوا النار فيها فقضت نحبها حرقاً.
     في  حماة استخدمت المدارس والمرافق العامة كمعتقلات، وشهدت تلك السجون مجازر جماعية، منها ما حدث في أحد السجون، إذ دخل اللواء «علي حيدر»- قائد الوحدات الخاصة- إلى السجن، وخاف المعتقلون في أحد المهاجع مما قد يحل بهم بعد زيارته فهتفوا بحياته، فأمر لهم بطعام وبطانيات. غير أن السجن كان تابعاً لـ«سرايا الدفاع» التي يقودها «رفعت الأسد»، فجاء جنود من السرايا يحملون رشاشاتهم وصرخوا في وجوه المعتقلين بأن "لا قائد إلا الزعيم رفعت"، ثم فتحوا نيران الرشاشات على كل من كانوا في المهجع وهم نحو ٩٠ شخصاً، فقتلوهم جميعاً.
    أمر قائد سرايا الدفاع رفعت الأسد في ٢٢/شباط /١٩٨٢ بالنداء بمكبرات الصوت لإحضار جميع المشايخ ومؤذني المساجد وخدامها من المعتقلين في السجون، وكانوا حوالي ١٠٠٠ شخص، سيقوا إلى مصيرهم المجهول حتى اليوم.
      الشيخ «عبد الله الحلاق» ابن الثمانين عاماً: اقتادوه من أحد الملاجئ مع مجموعة من أهل الحي.. طلب منه الجنود ساخرين أن يتلو القرآن، عسى أن يجد الله له مخرجاً! قرأ الشيخ.. لكن الضابط سخر منه وقال له: "إن ربك لن ينجدك، لقد حانت ساعتك، وسنضعك في جهنم"، اقتادوه إلى سوق الحدادين، وسكبوا عليه برميل المازوت، وأحرقوه.
     داخل المستشفى الوطني تمركزت واحدة من فرق الشبيحة التابعة لسرايا الدفاع بصورة دائمة طوال الأحداث، وكان عملها أن تجهز على الجرحى، حيث تكدست الجثث فوق بعضها، وفاحت روائح الأجساد المتفسخة، فكانوا يجمعونها كل يوم في سيارات النفايات، وتنقلها الشاحنات إلى الحفر الجماعية.
      في حماه تم تدمير المدينة القديمة بالكامل فوق رؤوس سكانها. عائلات بأملها تمت إبادتها ودفنت معها أسرارها. 
      التوحش الطائفي دخل الى المدينة واستباح كل شيء فيها. 
     عندما كانت تدخل العصابات الى البيوت كانوا يقتلون الرجل، فتهمّ الأم بحماية أطفالها، إلى ان ينتزع المجرمون الأطفال من يدها ويقتلونهم بدون رحمة، حتى أنّ شهود العيان في المدينة وجنودا سابقين أكدوا رمي الأطفال الرضع من الشبابيك الى الشارع، ليتسنى للمجرمين اغتصاب الأمهات.
      من المهم تثبيت النقاط التالية:
1. ♦ قدّرت منظمات حقوق الإنسان الدولية عدد ضحايا مجزرة حماه ١٩٨٢/٢/٢ بنحو ٣٥ الف شهيد وشهيدة، فيما تحدث أهالي المدينة عن ٦٠ الف شهيد ومفقود ومختفٍ قسرًا لم يُعرف مصيرهم حتى الساعة.
2. ♦ قد يسأل سائل كيف حصلتم على تلك المعلومات في أجواء دامية لاهبة كتلك التي حدثت في مدينة حماة؟. والجواب أن تلك المعلومات هي غيض من فيض رواها الناجون من المذبحة في زاوية هنا وأخرى هناك.
3. ♦ لا شك أن ما حدث من جرائم هو أكبر من ذلك بكثير وأن من رأى ليس كمن سمع.
4. ♦ إن تاريخ عصابة الأسد الإجرامية يؤكد باستمرار على وجوب سحق تلك العصابة بكل السبل المتاحة والمشروعة.
5. ♦ يتحمل الإخوان المسلمون جزءاً كبيرا من مأساة الناس فهم لم يكونوا بحجم الموقف الذي وضعوا أنفسهم والناس فيه، ولم يكونوا على قدر من النضوج للتعامل مع العدو الاستثنائي.
6. ♦ قيادات الاخوان بدلا من رفع الدعاوى ضد النظام القاتل في أوربا حيث يقيم عراب الجرائم رفعت أسد راحوا يتنعمون بالأموال التي تلقوها من «صدام حسين» كدعم لهم لمتابعة كفاحهم ضد «حافظ الأسد».
7. ♦ قيادات الاخوان الذين لم ينشروا ما حدث في حماة في الصحف العالمية كانوا ينتظرون أية فرصة ليتصالحوا مع النظام الفاجر فتوسطوا عند «حركة حماس» و«القيادة التركية» و«رفيق الحريري» وآخرين معترفين بأن هذا النظام «مقاوم وممانع» ضد إسرائيل.  

ليست هناك تعليقات