آخـــر ما حـــرر

في سوريا نظام هدَّام وشعب بنَّاء



لم يكن أحد يتصور قبل سنوات أن نتحدث عن وطننا الحبيب وهو غارق بالدماء مليء بالأشلاء.. تهزُّه الزلازل وتحرقه النيران.. ولم يتوقع أحد أن يصبح الوطن فرناً يشوى به اللحم الطَّري من أطفالنا.. أو أن يصبح طاحونة تطحن بها عظام الأبرياء.
كل ذلك تلقاه الشعب السوري الأعزل بصبر عنيد.. ذلك الشعب العظيم الذي كلما كبرت آلامه.. ازدادت آماله.. وكلما عظمت تحدياته تعاظمت عزائمه.. فأزاح جبالاً من الدسائس والمؤامرات.. وأطاح برؤوس الخيانة والمؤامرات.
بهمة الشباب الثائرين الذين جمعهم حب الوطن والإصرار على تحريره وبنائه.. انطلقت ثورة الكرامة ومسيرة التحرير.. انطلقت مسلحة بالعزيمة والإصرار.. وإيمان أقوى من الجبال.. غير مهتمة بالحسابات والأرقام.. وعظم التحديات والمفارقات.. ففي سورية تحطمت كل الأرقام.
نحن أصحاب الأرض وأبناء الوطن.. وسوف نملأه مروجاً وأزهاراً.. كما ملأوه رعباً وناراً.. وسوف نزرعه مدارس ومراكز بحث.. ومنابر ثقافية.. ومنارات معرفية.. كما حاولوا أن يغرقوه بظلمات الجهل والتخلف والرجعية.. فللعلم عنوان واحد هو سورية.. وللتقدم عنوان واحد هو سورية.. وللحضارة عنوان واحد هو سورية.
سورية الشعب العظيم.. سورية الشباب المتوقد.. سورية الصبايا البانيات.. سورية الأطفال الواعدون.. لا مكان فيها للعبيد المناكيد.. ولا محل فيها للصعاليك المهاليك.. لقد كشفت الثورة المباركة من أراد بالوطن خيراً ومن أراد به شراً.. ففي سورية فريقان: فريق للهدم والتدمير.. وفريق للبناء والتعمير.
إن للثائر الحر ذراعين: تعمل الأولى على هدم صرح الطغاة وإسقاط  امبراطورية الفساد والاستبداد.. عبر خطة محكمة تفضح النظام.. وتفكك أركانه وتعزله دوليا وتجفف موارده.. أما الذراع الثانية فتعمل على بناء الوطن القوي الموحد الجميل الآمن.. عبر خطة تنموية تستفيد من موارده الجمة وخيراته الوفيرة.. وتستثمر في أقوى الموارد على الإطلاق.. وهي الموارد البشرية.
في وطني الحبيب معادن نفيسة. وطاقات خلاقة مبدعة.. وحرام أن يحكمها المعاتيه المخاليع.. فمقاس الشعب السوري أكبر بكثير من حكام الأمر الواقع وحكام السلطة العسكرية البطّاشة.. ولقد قامت الثورة لتعيد التوازن المختل بين شعب يصنع الحياة ويستحق الحياة.. وبين حاكم يصنع الموت ويستحق الموت.
ما وقع على الشعب السوري من طغيان النظام وعدوان محور الشر هو مبرر إضافي للاستمرار في ثورة التغيير وبزخم أكبر.
لقد رأى العالم كله قذارة النظام الذي ثار عليه شعب سورية.. وما كشفته الثورة من أسرار الشر الأسدي ليس كل شيء.. فلديهم من الشر ما تشيب لهوله الليالي الحالكات.. حكام سورية الغابرون هم مجرمون حقيقيون، يستحقون ألف ثورة تمحقهم محق الحصيد.. وتسحقهم من الوريد إلى الوريد.
يبدو اليوم مواتياً وملحِّاً ليتجمع الأصفياء الأنقياء.. وليأخذوا دورهم الفاعل والبنّاء في صفوف الثورة.. ويحرروا الثورة من الأيدي الآثمة لتوضع في الأيدي الأمينة.. التي تعمل بجدية وصدق على إسقاط النظام وتفكيك منظومته الأمنية ومنظومة الفساد التي بناها لعقود طويلة.
 عبد الناصر ابو المجد.


ليست هناك تعليقات