آخـــر ما حـــرر

الفتوى والتصنيف أزمة أم حل؟.



في خضم تقلبات الثورة السورية سادت ثقافة «الفتوى والتصنيف»!.
■ الفتوى هي الأداة الفقهية التي يستخدمها العلماء «المشايخ» لفرز المواقف والأفعال ما بين «حلال وحرام».. ولأسباب متعددة لا يمكن القبول بفكرة تفعيل «الفتوى» للحكم على سياسات أو مواقف بعينها، ثم تصنيفها إلى حلال وحرام وجائز ومكروه.. فلا أحد قادر على الادعاء بأنه تلقى في مسيرته العلمية ما يمكن أن نسميه «فقه الثورات» مثلاً.. كما لا يمكن لمن يدعي العلم الشرعي أن يسمح لنفسه بإسقاط النصوص الشرعية في غير مكانها ثم البناء عليها.. وقد حضرت «الفتوى» في بواكير الثورة السورية لتحرم الثورة من «ألقها وبريقها الجميل» محرِّمة على المرأة أن تشارك في المظاهرات، ومانعة الشباب من إطلاق الأهازيج الحماسية، وربما تمادى البعض بتحريم رفع الصور اللازمة في الاحتجاجات، وتجرَّأ البعض الآخر على إصدار فتاوى تحريم رفع «علم الثورة».. 
وفي الوقت الذي حضرت فيه فتاوى التعطيل لنشاطات ثورية مهمَّة غابت تلك الفتاوى عن توضح الحكم الشرعي بوجود آلاف الحرائر في معتقلات النظام.. والحكم الشرعي في اختلاس أموال الثورة المتعلقة باليتامى والأرامل واحتياجات التعليم والصحة وغيرها.
والمشكلة الأكبر أنه وبينما كنا ننتظر تحسناً في النظر إلى الأشياء بعد تجربتي «داعش والنصرة» فإذا بنا نلحظ تراجعاً ملحوظاً في التعاطي مع الأحداث.. فهناك من يدفع باتجاه تفعيل «الفتوى» في غير مكانها.. فإذا انهمكت «عصابة الجولاني» بتحصيل الزكاة من الناس ارتفعت أصوات تسأل عن الفتوى في هذا الأمر!.. ليتقدم المفتي «الغشيم» يفصَّل في أحكام الزكاة بمعزل عن «إجرام جُباتها».. أحكام عادة ما تصب في مصلحة عمليات «السطو والنصب والاحتيال» على أموال الناس ومصالحهم.. والسبب باختصار هو عزل الفتوى عن واقع الحال وهذا ما يتعلق بعملية «الوعي» أصلاً.
■ الخلل الآخر يتعلق بعملية «التصنيف» ما بين مسلم وكافر!. التصنيف الذي يضلل الناس بدلاً من ترشيدهم، منشغلاً بأفكار الناس بدلاً من سلوكياتهم، مما يتيح للظالم الغاشم أخذ مكانة مرموقة لمجرد أنه مسلم غير كافر. وما يحرم المخلصين الصادقين من أخذ دورهم الفعال والبناء، ليستفرد اللصوص الظلمة بمقدرات الناس ومصالحهم.
فحين يسأل «الشيخ» عن رأيه بتنظيم «داعش» مثلاً يبادر سريعاً للقول بأننا لا نكفِّرهم!.. فهذا الشيخ استحضر مقروءاته الورقية صارفاً النظر عن اعتبارات واقع التنظيم الحقيقية، باعتباره تنظيماً إرهابياً إجرامياً معادياً.. وفي الوقت ذاته سيطلق الشيخ البائس أحكاماً مغلَّظة تجاه شخص وطني نظيف محسن أقلُّها أنه كافر لا ينبغي التعامل معه، وربما حكم عليه بأنه حلال الدم والمال والعرض.. هنا يقع الظلم والضياع ليصبح القاتل المجرم السارق مقيماً ضمن دائرة الحق بحجة امتناع تكفيره.. ويوضع الشريف النظيف خارج الدائرة لمجرد نطقه بإحدى المكفرات «المستحدثة» كالديمقراطية والوطنية والحرية.
باختصار شديد علينا تنحية هذين الخطأين الكارثيين من المشهد الثوري حاضراً ومستقبلاً، وعدم تحميل «الفتوى والتصنيف» أكثر مما يحتملان، والابتعاد عن الزج بهما في قضايا تقديرية متغيرة تتبع المصلحة والمضرَّة.
عبد الناصر أبو المجد.   


هناك 3 تعليقات:

  1. لن تكون هناك ثورة و فيها أصولية و أولهم الإخوان.

    ردحذف
  2. الفتوى أستاذي العزيز ضرورة حياتية للمسلم ولكن التصنيف هذا شيء مستحدث لانسلم به بالمطلق.
    وعموماً الفتوى لها شروطها وأركانها وطرق تنزيلها وغير ذلك وهي لاتنعقد إلا لأهل الاختصاص كما تعلم وماحدث في ثورتنا المباركة بعيد كل البعد الفتوى الصحيحة وانما كان كما فعل مشايخ النظام فتوى على قياس الحاكم او الأمير

    ردحذف