آخـــر ما حـــرر

ثورة الكرامة السورية تاريخ جديد



ثورة الكرامة السورية تاريخ جديد حيث تحرر الناس فيه من نير العبودية، وحطموا قيود الخوف،  ودكوا عروش الطغيان،  وزلزلوا صروح الأوثان، وكشفوا سوءات الأعداء، وأقلقوا راحة الطواغيت، وهذا هو النصر الحقيقي الباهر.
لا شك أن ثورة الكرامة السورية قامت ابتداء من أجل الحرية والكرامة، ضد طاغية أسرف في ظلم الناس وقهرهم، ثورة ظهر فيها إجماع شعبي لم تشهده سوريا في سالف عهدها مع الاحتلال الأسدي, إجماع طالما خشي الطاغوت منه لأنه فضح تزويره لكل استحقاق انتخابي عندما أجبروا الناس على التجديد تحت التهديد، دون منافس آخر، تلك الحقبة القذرة انتهت إلى الأبد.
لن ينسى شعب سورية المقدام ذلك التلون الفسيفسائي منقطع النظير, يوم صنع الأحرار لوحة من الأجواء الاحتفالية، أخرج الشعب فيها مخبوءاته من الإنكار لذل العبودية وخسف الخضوع، وأفصح عن مخزوناته من العزة والإباء بعد كبتها في النفوس  وخنقتها في الصدور بيد الإثم والطغيان.
إن طاغية العصر أرعبه تحشد الناس في الساحات, وراعه تجمع الشباب في الأزقة يهتفون للحرية والكرامة, تغزو أصواتهم عنان السماء تمجيدا لأرواح الشهداء وتحقيرا لأرواح الأشرار، التي بنت أمجادها على الجماجم والأشلاء, وما زاد في  حنق الطاغية وصعد من غضبه أصوات الطفولة الرائعة من الأفواه الجميلة التي كادت أن تلتهم  الكاميرات فرحاً بما يفعلون.
في يوم من أيام نحسه أطل طاغية الشام من شرفة قصره ليتلقى اللعنات والطعنات من الأفواه الغاضبة على حقبة الضياع، التي حكم بها حثالة التاريخ خير الشعوب، فأوحى مجنون الطغاة إلى وحوشه العتاة والقتلة البغاة، بإغراق الناس بالدماء ونهش اللحوم الطرية بالمخالب المسمومة حقدا وغلا على الإجماع الذي قصم ظهره وأقض مضجعه وأدمى أنفه. 
لقد استدعى طاغية الشام حلفاءه الأشرار من كل فج عميق وجحر سحيق، فجاؤوا مشحونين بحقد دفين، حقد معتق برائحة القبور، حقد ممتزج بجهل مظلم حالك بهيم، لينتقموا من أطفال سورية عقابا لهم على جهرهم بصوت الحرية الذي زلزل أركانهم ودمر بنيانهم، جاءنا الأشرار من كل كهف طائفي مظلم  جيفا نتنة فعادوا أجداثا عفنة.
حرص طاغية الشام على إلغاء مفهوم الثورة، حتى لا يسجل التاريخ أن الشعب السوري قام ذات يوم على حكامه الأوغاد، وتمرد على أسياده الأوباش، لكن ثورة الكرامة فرضت نفسها كأكبر حدث تاريخي في العصر الحديث، والمطلوب اليوم عدم السماح لأي جهة بتجاوز أهمية هذا الحدث والتقليل من شأنه، وهذا ما تحرص عليه مؤسسة حقيقة للإعلام.
طاغية الشام القاصر الأسد فتح أبواب التطوع للمتطرفين، كما فتحها من قبل للطائفيين، ليجتمع في ربوع وطننا الحبيب أعظم الشرّين (الطائفية العمياء والتطرف الأحمق), كما فتح أبواب السجون ليتدفق السواد منها، الذي ينبت عادة في أجواء القهر والاحتجاز، وكذلك فعل صديقه الجديد آية الله المالكي بتوجيه من ملالي الشر والعدوان، أولئك القابعين في قم وطهران.
بعد أن توشحت سوريا بالسواد وتلونت بالحناء, وأصبحت مسلخا هنا ومحرقة هناك, وتشنجت عضلات الوطن وتوترت أعصابه, يتحتم علينا العمل بالطاقة القصوى والجهد المستطاع لإعادة صوت الثورة الذي أذهل العالم، إلى الواجهة وتلك الأهازيج التي رددها الصغير والكبير، بعد أن أوشك مفهوم الثورة أن يشيع إلى مثواه الأخير بفعل فاعل يرغب ببقاء الشعب السوري في دائرة العبودية والخضوع.
إن ثورة الكرامة والتاريخ السورية تثبت كل يوم أنها قادرة على إنتاج نفسها وتثبيت ذاتها لأنها تحمل أسرار قوتها في ذاتها وصفاتها فهي ثورة (ربانية) رعتها مشيئة الله وأنبتتها عناية السماء كما تنبت النبتة من بين الصخور الصماء, رأينا كما رأى العالم كله صمودا لا مثيل له أمام كثافة النيران وتهاطل الرصاص من كل مكان، وتآمر الأعداء وتكالبهم على ذلك الشعب الطيب الكريم الذي تعهد- رغم الجراح- بهزيمتهم جميعا وتجريعهم كؤوس المر والهوان.
عبد الناصر ابو المجد

هناك تعليق واحد: