إرادة الشعب السوري تكسب الرهان


 

أصر طاغية سورية على مسخ الكائن البشري.. ليكون عبدا مصفقا منبطحا.. مهزول الإرادة مسلوب القرار.. فقام شعب سورية العنيد بالثورة العصماء «لبناء وطن بلا عبيد.. لا من أجل عبيد بلا وطن».. فأراده الشعب وطناً للأحرار... للإنسان فيه وصف وحيد.. يكون عزيزاً كريماً حراً منطلقاً مبدعاً.. وبعبارة مختصرة يكون سورياً.

لقد قام الشعب السوري بثورته «من أجل الحرية لا من أجل تحسين شروط العبودية».. فانقسم شعب سوريا إلى فريقين أحرار معارضين انحازوا إلى الشرف والشهامة.. وعبيد مؤيدين جنحوا إلى الجريمة والمهانة.

كشفت ثورة الكرامة السورية أن في سورية خيرا كثيرا وشرا كبيرا.. خير رأيناه في شجاعة لا مثيل لها وتضحيات لا نظير لها.. وشر رأيناه في الخيانة والعمالة والجريمة والطمع والتسلق والنفاق.. وحين تجد نفسك في جانب الخير فلا تندم على ما فاتك من مال ومناصب وزخرف ومتاع لأن حظيت بوسام الشرف الرفيع.

عندما رأى طاغوت سورية ذلك التلاحم المجتمعي في صفوف الثورة ثارت ثائرته وجن جنونه واستنفر شياطين الفتن لتبث سموم الطائفية والفئوية والمناطقية  والإديلوجية.. وتنشر الفساد المالي والمناصبي.. لتتفسخ الضمائر وتفسد النفوس.

اللص كائن محتقر منبوذ في أعراف الناس وعاداتهم، حتى ولو سرق القليل فهو محتقر.. حتى ولو سرق عن فقر وحاجة فهو محتقر.. حتى لو سرق من أموال الأغنياء فهو محتقر.. فكيف يجرؤ على السرقة من وقعت في يديه أموال اليتامى وإغاثات المحاصرين.. وعلاج المصابين؟ المؤكد أن هؤلاء لا يسعهم وصف الحقارة والخسة والدناءة.. لأنهم اغتنوا على حساب البائسين.

في سورية جريمة سطو جماعية على الثورة المباركة وعلى مكتسباتها.. وجريمة خطف لأهداف الثورة وتضحياتها.. الثورة التي أشعلها شباب حطموا جدار الخوف.. وكسروا روتين المهانة.. مما يحتم على الأحرار ضرورة الأخذ بزمام المبادرة لإعادة الحق إلى أهله.. فتعود الثورة للثوار.. ويعود الوطن إلى عهدة الأوفياء الأحرار.

الإرهاب والطائفية ليسا ردة فعل الشعب السوري على ظلم الطغاة.. مطلقاً.. فالشعب رد على ظلم النظام الطائفي الإرهابي بالثورة العصماء لا بشيء آخر.. وأصلاً لا يملك الشعب السوري سوى الثورة المباركة ليرد بها على الظلم.. أما الإرهاب والطائفية فليست من ممتلكات الشعب السوري العريق المتحضر.. فهذه البضاعة مملوكة للطغاة.. لكنهم وضعوها في حقيبة الثورة ليوصلوا رسالة للعالم بأنهم يواجهون الإرهاب ويحاربون الطائفية.

تمثلت ردة فعل الشعب السوري على ظلم طاغية العصر في الجرأة والإقدام والصبر والصمود.. بمعنى أن الثورة هي الرد المقابل للاستبداد. أما التطرف والإرهاب فلا يمثل ردة فعل على الظلم بل كان عملية مفتعلة ومقصودة من أعداء الثورة والوطن.. تم إقحامها في المشهد السوري وحشرها حشراً.

كم راهن الأشرار على كسر إرادة الشعب وإخضاعه.. وكانوا ينتظرون منه أن يرفع الراية البيضاء ويستسلم.. فإذا به يرفع رايات الثورة خفاقة في فضاء الوطن، متحدية جحافل الموت الزؤام مؤكدة، على ثوابت ثورة الكرامة والتاريخ لحظة انطلاقتها.

هو الشعب الأبيُّ الذي تمكن بصموده من ثني ألسنة الخصوم وإدخالها في زوايا الحلوق المخنوقة غلاً وحقداً.. هو الشعب السوري الذي استطاع بعزيمته وإيمانه طيَّ آذان الطغاة وليَّ أنوف البغاة وجعلها في الكهاريز المالحة.. حيث يليق بها أن تكون.. من لم يحترم شعب سوريا فهو أرعن حسود.. أو أحمق حقود.

أطفال سوريا يشكلون الخطر الأكبر على حكم بشار الأسد.. ولذلك هو يعتبر استهدافهم أولوية.. فقصفهم بالصواريخ والمدفعية وبالكيماوي.. وحاصرهم بالتجويع وأمر باعتقالهم في الوقت الذي أفرج فيه عن زعامات القاعدة.. لكن أطفال الوطن سجلوا إسهاماتهم الطيبة في مسيرة إسقاط النظام على الرغم من حداثة سنهم.

ليست المشكلة في أن شعب سورية يواجه غزوا همجيا من إيران وروسيا .. لكن المشكلة هي أن يواجه الشعب عقلية إجرامية تشرف بدورها على صناعة عقليات إجرامية لا يمكن أن تتراجع عن الإجرام لا بالمفاوضات ولا بالتسويات.

لأننا أصحاب حق.. ولأنهم أصحاب باطل.. لأننا نمتلك العزيمة والإيمان .. ولأنهم يمتلكون المطامع والهوى.. لذا فإننا سننتصر على الرغم من قلة العتاد.. وعلى الرغم من وفرته لدى الأعداء.

كم عانى شعب سورية من ويلات نظام الأسد الطائفي الإرهابي .. عانى من التقتيل والتجويع والتشريد والحصار.. وبعد كل هذا لا يجد الوريث القاصر بائع سوريا سوى الكيمياء القاتلة ليقدمها إلى الشعب المنكوب.

لا بد أن تنتصر إرادة الشعب الثائر العظيم على إرادة العدو الجائر اللئيم.. فإرادة الشعب مستمدة من الهوية والتاريخ، ومن طموح بالحرية لا حدود له.. أما إرادة العدو فهي مستمدة من هبوط القيم وقوانين الظلم، والظلم مرتعه وخيم.

عبدالناصرابوالمجد

ليست هناك تعليقات